الرقيم والنقير وَالْغِسْلِينَ رَدَّهُ إلَى أَهْلِهِ وَوَكَلَهُ إلَى مَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ لَهُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَلَوْ
أَجَابَهُ شِفَاهًا لَمْ يُسْتَقْبَحْ هَذَا كَلَامُ الصَّيْمَرِيِّ وَالْخَطِيبِ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ يَحْسُنُ كِتَابَتُهُ لِلْفَقِيهِ الْعَارِفِ بِهِ لَكَانَ حَسَنًا وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فِيهِ مَسَائِلُ: إحْدَاهَا فِي صِفَةِ الْمُسْتَفْتِي كُلُّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ درجة المفتى فهو فيما يسئل عَنْهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُسْتَفْتٍ مُقَلِّدٌ مَنْ يُفْتِيه وَالْمُخْتَارُ فِي التَّقْلِيدِ أَنَّهُ قَبُولُ قَوْلِ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْإِصْرَارُ عَلَى الْخَطَأِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ عَلَى عَيْنِ مَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِفْتَاءُ إذَا نَزَلَتْ بِهِ حَادِثَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ عِلْمُ حُكْمِهَا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يَسْتَفْتِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّحِيلُ إلَى من يفتيه وان بعدت دراه وَقَدْ رَحَلَ خَلَائِقُ مِنْ السَّلَفِ فِي الْمَسْأَلَةِ الواحدة الليالى والايام
* (الثَّانِيَةُ) يَجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا الْبَحْثُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ أَهْلِيَّةُ مَنْ يَسْتَفْتِيهِ لِلْإِفْتَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِأَهْلِيَّتِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِفْتَاءُ مَنْ انْتَسَبَ إلَى الْعِلْمِ وَانْتَصَبَ لِلتَّدْرِيسِ وَالْإِقْرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنَاصِبِ الْعُلَمَاءِ بِمُجَرَّدِ انْتِسَابِهِ وَانْتِصَابِهِ لِذَلِكَ وَيَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ مَنْ اسْتَفَاضَ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلْفَتْوَى: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّمَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ أَنَا أَهْلٌ لِلْفَتْوَى لَا شُهْرَتَهُ بِذَلِكَ وَلَا يُكْتَفَى بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلَا بِالتَّوَاتُرِ لِأَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ وَالشُّهْرَةَ بَيْنَ الْعَامَّةِ لَا يُوثَقُ بِهَا وَقَدْ يَكُونُ أَصْلُهَا التَّلْبِيسَ: وَأَمَّا التَّوَاتُرُ فَلَا يُفِيدُ الْعِلْمَ إذَا لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى مَعْلُومٍ مَحْسُوسٍ: وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَيْهَا إخْبَارٌ مِنْهُ بِأَهْلِيَّتِهِ فَإِنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ وُثِقَ بِدِيَانَتِهِ: وَيَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ مَنْ أَخْبَرَ الْمَشْهُورُ المذكور بأهليته: قال الشيخ أبو إسحاق المنصف رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ يُقْبَلُ فِي أَهْلِيَّتِهِ خَبَرُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو وَيَنْبَغِي أَنْ نَشْتَرِطَ فِي الْمُخْبِرِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ وَالْبَصَرِ مَا يُمَيِّزُ بِهِ الْمُلْتَبِسَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى خَبَرِ آحَادِ الْعَامَّةِ لِكَثْرَةِ مَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِمْ مِنْ التَّلْبِيسِ فِي ذَلِكَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ مِمَّنْ يَجُوزُ اسْتِفْتَاؤُهُمْ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ في أعلمهم والبحث عن الاعلم والاورع الاوثق لِيُقَلِّدَهُ دُونَ غَيْرِهِ فِيهِ وَجْهَانِ (1) أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ بَلْ لَهُ اسْتِفْتَاءُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْجَمِيعَ أَهْلٌ وَقَدْ أَسْقَطْنَا الِاجْتِهَادَ عَنْ الْعَامِّيِّ وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ قَالُوا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا
* وَالثَّانِي يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمَكِّنُهُ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الِاجْتِهَادِ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ وَشَوَاهِدِ الْأَحْوَالِ وَهَذَا
الْوَجْهُ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ وَاخْتِيَارُ الْقَفَّالِ الْمَرْوَزِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْأَوَّلِينَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو رَحِمَهُ اللَّهُ لَكِنْ مَتَى اطَّلَعَ عَلَى الْأَوْثَقِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُهُ كَمَا يَجِبُ تَقْدِيمُ أَرْجَحِ الدَّلِيلَيْنِ وَأَوْثَقِ الرِّوَايَتَيْنِ فَعَلَى هذا يلزمه تقليد الاورع من