فهذا هو التوفية بمقضتى الشَّكِّ أَنْ لَا يَجْزِمَ فِيهِ بِإِبَاحَةٍ وَلَا تحريم وتكون اوفى كَلَامِهِ لِلشَّكِّ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقَالَ أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ يَعْنِي لِئَلَّا يَقَعَ فِي الْحَرَامِ الْمُحْتَمَلِ وَلَكِنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا ذَلِكَ قَوْلًا بِالْجَوَازِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمَحَامِلِيِّ وَكَأَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى الْأُصُولِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا إلَى الْقِيَاسِ أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الْمُزَابَنَةِ فَلِأَنَّهُ وَرَدَ مُسْتَثْنًى مِنْهُ الْعَرَايَا وَالْعَرَايَا قَدْ وقع الشك في مقدارها يكون ذَلِكَ كَتَخْصِيصِ الْعَامِ بِمُجْمَلٍ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الِاحْتِجَاجَ بِهِ كَذَلِكَ هُنَا يَمْتَنِعُ الِاحْتِجَاجُ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ الْمُزَابَنَةِ فِي الْخَمْسَةِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُقَرَّرَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَالشَّكُّ الَّذِي فِي مِقْدَارِ الرخصة يقتضى الشك في مقدار المنهى عَنْهُ وَيَعْدِلُ إلَى دَلِيلٍ آخَرَ وَقَدْ نَبَّهَ الْأَصْحَابُ عَلَى ذَلِكَ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ لما اعتقد أن ذلك مترددين عَوْدِ الْأَشْيَاءِ إلَى الْكُلِّ أَوْ إلَى الْأَخِيرِ وحكم مع ذلك بأنه لا يصرف إلى الاولاد لاجل التردد ومثل ذلك بحيث جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ شَيْخِنَا أَيْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ الا شرط أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا) وَرَامَ الِاسْتِدْلَالَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَكَّ فِي شَرْطٍ وَجَبَ إدْرَاجُهُ فِي الْعُمُومِ وَالْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِهِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِمَا ذكرته من المرجح عند الاصولين نعم لو كان النهى عَنْ الْمُزَابَنَةِ فِي مَجْلِسٍ وَالتَّرْخِيصُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَمْ يُقْدَحْ فِي التَّمَسُّكِ بِالْعُمُومِ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ بَلْ الرَّاوِي