منه صلى الله عليه وسلم للمحلويج وَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِهَا لِغَيْرِهِمْ (قلت) الجواب من وجهين
(أحدهما)
أن المتعمد فِي الْأُصُولِ أَنَّ الرَّاوِيَ إذَا حَكَى وَاقِعَةً حَكَى وَاقِعَةً بِلَفْظٍ عَامٍّ كَقَوْلِهِ نَهَى عَنْ الْغَرَرِ وَقَضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَمَا أَشْبَهَهُ أَنَّهُ عَلَى الْعُمُومِ وَأَنَّ الْحُجَّةَ فِي الْمَحْكِيِّ وَالْحِكَايَةِ مَعًا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ قِصَّةَ الْمَحَاوِيجِ لَمْ يَجُزْ حِكَايَتُهَا بِلَفْظِ الْعُمُومِ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فِي عَرَايَا خَاصَّةٍ لَا فِي كُلِّ الْعَرَايَا فَلَمَّا أَتَى الرَّاوِي بِلَفْظٍ عَامٍّ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ وَجَبَ اعْتِقَادُ أَنَّ الْمَحْكِيَّ مُطَابِقٌ لَهُ فِي العموم
(والثانى)
أن معنا ههنا قَرِينَةً تُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْقِصَّةَ الْمَنْقُولَةَ غَيْرُ قِصَّةِ الْمَحَاوِيجِ وَهُوَ قَوْلُهُ رُخِّصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ وَتِلْكَ الرُّخْصَةُ لَمْ تَكُنْ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ بَلْ لِلْمَحَاوِيجِ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفَرَائِضِ قَدْ نَزَلَتْ بِأَسْبَابِ قَوْمٍ فكان لهم وللناس عامة إلا مابين اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أُحِلَّ لِضَرُورَةٍ أَوْ خَاصَّةٍ وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ ابْتِيَاعُهُ لِلْفَقِيرِ جَازَ لِلْغَنِيِّ كَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ وَقَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَطَعَ الْقَوْلَ بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ الْمِقْدَارِ ولم يعتبر التقييد المذكورة من السبب في الحديث