نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَيْهِ وَإِلَى تَخْرِيجِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي مَسْأَلَةَ
مالا يدخر يابسه ومسالة الرطب الذى لا يجئ مِنْهُ تَمْرٌ بَلْ أَطْلَقُوا الْكَلَامَ إطْلَاقًا يَشْمَلُهَا وَأَغْرَبَ ابْنُ دَاوُد فَحَكَى أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ اختار أنه لا يجوز بحالة وَحَكَى وَجْهَ الْجَوَازِ وَلَمْ يَنْسِبْهُ إلَى أَحَدٍ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ إيرَادُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ فِي ذَلِكَ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ هَذَا مَا فِي طَرِيقَةِ الْعِرَاقِ وَأَمَّا الْخُرَاسَانِيُّونَ فَجُمْهُورُهُمْ أَيْضًا مُطَبِّقُونَ عَلَى حِكَايَةِ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الطَّرِيقَةِ الْقَاطِعَةِ وَعَبَّرُوا عَنْ الْخِلَافِ بِالْوَجْهَيْنِ مِمَّنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ مِنْهُمْ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ وَالْغَزَالِيُّ وَوَافَقَهُمْ ابْنُ دَاوُد شَارِحُ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ وَالرَّافِعِيُّ سَلَكَ طَرِيقَةَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي حِكَايَتِهِمَا قَوْلَيْنِ وَلَمْ يَحْكِ الطَّرِيقَةَ الْقَاطِعَةَ وَإِذَا وَقَفْتَ عَلَى ذَلِكَ اسْتَبْعَدْت نِسْبَةَ الْعِمْرَانِيِّ الطَّرِيقَةَ الْقَاطِعَةَ إلَى أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَظَهَرَ لَك أَنَّ طَرِيقَةَ الْخِلَافِ أَشْهَرُ وَهِيَ أَيْضًا أَظْهَرُ فَإِنَّ الْقِيَاسَ الْمُقْتَضِي لِإِلْحَاقِ ذَلِكَ بِالْفَوَاكِهِ أَقْوَى مِنْ الْفَارِقِ الَّذِي ذَكَرَ لِلَّتِي قَدْ ذَكَرْتُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْفَوَاكِهِ عَلَى الْجَوَازِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ ذَلِكَ فِي حَالِ الرُّطُوبَةِ بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ لَأَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَالَةِ الْجَفَافِ وَنُصُوصُهُ عَلَى الْمَنْعِ هُنَاكَ وَهُنَا صَرِيحَةٌ لَا تَحْتَمِلُ فَلَا جَرَمَ كَانَ الصَّحِيحُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمَنْعَ عِنْدَ الْبَغَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ وَهُوَ مُقْتَضَى إيرَادِ أَبِي حَامِدٍ وَأَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ هُنَا كَمَا تَقَدَّمَ وَصَحَّحَ جَمَاعَةٌ الْجَوَازَ مِنْهُمْ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُرْشِدِ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَهَذَا أَظْهَرُ عِنْدِي وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ صَحَّحَ قَوْلَ الْمَنْعِ هُنَاكَ فهو مصحح له ههنا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ وَذِكْرُ مَنْ جَزَمَ بِذَلِكَ أَيْضًا وَهَذَا الَّذِي صَحَّحَهُ هَؤُلَاءِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ الصَّرِيحِ كَمَا عَلِمْتَ وَهُوَ ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ أَيْضًا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الثَّابِتِ عَنْ ابن عمر ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال (لا تبيعوا التمرة بالتمرة