وَغَيْرُهَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا فَلَا يَحْسُنُ إيرَادُهَا نَقْضًا وَمَقْصُودُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ دَفْعُ النَّقْضِ الْمَذْكُورِ فَقَطْ بِالْفَرْقِ لَا أَنَّ وَصْفَ عِلِّيَّةِ الظَّنِّ مُصَحِّحٌ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ بِالْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ الْمُزَنِيّ وَقَالَ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ إذَا بِيعَ الرُّطَبُ بِالرُّطَبِ فَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ فِي كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُمَا إذَا بَقِيَا يَبِسَا جَمِيعًا وَنَقَصَا نُقْصَانًا وَاحِدًا وَمَا يَحْصُلُ بينهما من التفاوت في حال اليبس يسير مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ فِي التَّمْرِ الْحَدِيثِ إذَا بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَرُبَّمَا أَوْرَدَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ النَّقْضِ عَلَى عِلَّتِنَا فَقَالُوا النُّقْصَانُ الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ مَوْجُودٌ فِي التَّمْرِ الْحَدِيثِ بِالتَّمْرِ الْحَدِيثِ وَمَعَ هَذَا الْبَيْعُ جَائِزٌ فَانْتَقَضَتْ الْعِلَّةُ (وَأَجَابَ) الْأَصْحَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى اللَّبَنِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالُوا لِأَنَّ التَّمْرَ يَصْلُحُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ الرُّطَبُ وَزِيَادَةُ الِادِّخَارِ وَلَا يَصْلُحُ الرُّطَبُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ التَّمْرُ وَاللَّبَنُ
يَصْلُحُ لِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ وَإِذَا جُبِّنَ أَوْ جُعِلَ لَبَاءً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَصْلُحْ لِكُلِّ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَلَيْسَ لِلَّبَنِ حَالَةٌ أُخْرَى يَنْتَهِي إلَيْهَا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الرُّطَبِ وَعَنْ كَلَامِ الْمُزَنِيِّ فِي أَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي النُّقْصَانِ إذَا يَبِسَا بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَرْطَابَ تَتَفَاوَتُ فِي الْيُبْسِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ فِي حَالِ كَمَالِهَا وَالتَّفَاضُلُ الْمُحْتَمَلُ هُنَا أَكْثَرُ مِنْ الْحَاصِلِ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ التَّمْرَ الْحَدِيثَ يَتَنَاهَى فِي الْجَفَافِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حَالَةٍ يَظْهَرُ فِيهَا التَّفَاوُتُ فِي الْكَيْلِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ وَمَعَ هَذَا لَا يَرِدُ النَّقْضُ الْمَذْكُورُ (وَأَمَّا) الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَإِنَّهُ أَجَابَ عَنْ النَّقْضِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ عِلَّتَانِ مُسْتَنْبَطَةٌ وَمَنْصُوصَةٌ فَالْمُسْتَنْبَطَة لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمَخْصُوصَةِ فَقِيلَ كَالْمُسْتَنْبَطَةِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا لِأَنَّ الْمُسْتَنْبَطَةَ إنَّمَا جُعِلَتْ عِلَّةً لِاطِّرَادِهَا وَالْمَنْصُوصَةُ عِلَّةٌ بِالنَّصِّ فَجَرَتْ مَجْرَى الاسماء إذا قام دليل على خصوصها تخصصت والنقص مندفع على كِلَا الطَّرِيقَيْنِ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ فَلَيْسَتْ الْعِلَّةُ مُجَرَّدَ النُّقْصَانِ وَإِنَّمَا هُوَ نُقْصَانٌ قَبْلَ حَالَةِ الِادِّخَارِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ) وَفِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا نُقْصَانٌ يَحْدُثُ بَعْدَ بُلُوغِ حَالَةِ الِادِّخَارِ
* (فَرْعٌ)
هَذَا الْقِسْمُ الَّذِي تَجْفِيفُهُ غَالِبٌ إذَا جُفِّفَ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِي حَالَةِ الْجَفَافِ إذَا كَانَ لَهُ مِعْيَارٌ شَرْعِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِعْيَارٌ شَرْعِيٌّ فَيَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَيْسَ بِمَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ هَلْ يجوز بيع بعضه ببعض أولا وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ كُلَّ مَا