(فَصْلٌ)
فِي أَحَادِيثَ مُرْسَلَةٍ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ
* رَوَى أَبُو دَاوُد فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الاعلى عن برد عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُوسَى قَالَ (مَرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا مَغْلُوثًا فِيهِ شَعِيرٌ فَقَالَ اعْزِلْ هَذَا مِنْ هَذَا وَهَذَا مِنْ هَذَا ثُمَّ بِعْ ذَا كَيْفَ شِئْتَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي دِينِنَا غِشٌّ) وَعَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَرَّ على رجل يبيع الحنطة يخلط الجيد بالردئ فَنَهَاهُ وَقَالَ مَيِّزْ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ) المغلوث والغليث هو الطعام المخلوط بالشعير أو الذرة وعم به بعضهم ويقال أيضا الْمَغْلُوثُ وَالْغَلِيثُ الطَّعَامُ الَّذِي فِيهِ الْمَدَرُ وَالزُّوَانُ قَالَ ذَلِكَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مُحْكَمِهِ (وَأَمَّا) الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا خَالَطَ الْمَبِيعَ قَلِيلُ تُرَابٍ وَكَذَلِكَ دُقَاقُ التِّبْنِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا لَمْ يَضُرَّ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يظهر في الكيل لتخلله فِي شُقُوقِ الطَّعَامِ فَلَا يَمْنَعُ التَّمَاثُلَ وَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا لَمْ يَجُزْ لِظُهُورِ أَثَرِهِ فِي الْمِيزَانِ وَمَنْعِهِ مِنْ التَّمَاثُلِ وَذَلِكَ وَاضِحٌ
* (فَرْعٌ)
لَوْ تَصَارَفَا دِينَارًا مَحْمُودِيًّا بِدِينَارٍ مَحْمُودِيٍّ لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ وَلَوْ تَصَارَفَا دِينَارًا مَحْمُودِيًّا بِفِضَّةٍ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فِضَّةٌ وَالْفَرْقُ فِي أَنَّ بَيْعَ الدينار بالدينار المقصود هو الذهب وَالْمُمَاثَلَةُ شَرْطٌ وَمَا فِيهِمَا مِنْ الْفِضَّةِ يُفَوِّتُ الْعِلْمَ بِهَا وَفِي بَيْعِ الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ الْمَقْصُودِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ الذَّهَبُ وَمِنْ الْآخَرِ الْفِضَّةُ وَالْمُمَاثَلَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَالْفِضَّةُ الَّتِي فِي الدِّينَارِ قَلِيلَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَلَا يَعْبَأُ بِهَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْقَوَاعِدِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا
* (فَرْعٌ)
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ إنَّهُ إذَا بَاعَ الدِّينَارَ الْهَرَوِيَّ بِالْهَرَوِيِّ فَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا بَاعَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِي كُلِّ جَانِبٍ فِضَّةٌ مَجْهُولَةٌ أَوْ مُتَفَاضِلَةٌ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الدِّينَارَ إذَا صَارَ مُقَابَلًا بِالدِّينَارِ فَالذَّهَبُ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي كُلِّ جَانِبٍ وَمُمَاثَلَةُ الذَّهَبِ مَجْهُولَةٌ بِسَبَبِ مُخَالَطَةِ الْفِضَّةِ أَمَّا إذَا قُوبِلَ الدِّينَارُ بِالدِّرْهَمِ فَالْمَقْصُودُ مُقَابَلَةُ الذَّهَبِ الَّذِي فِي الدِّينَارِ بِالْفِضَّةِ وَهُمَا