أَمْ لَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ قَالَ نَصْرٌ وَإِنْ قَلَّ وَكَذَلِكَ الْمَغْشُوشَةُ بِالْمَغْشُوشَةِ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ مُخْتَلِفٌ (فَأَمَّا) الْمَغْشُوشَةُ بِغِشٍّ يَبْقَى لَهُ قِيمَةٌ فَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي تَعْلِيلِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ نَقَلَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَآخَرُونَ
(أَحَدُهُمَا)
وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وغيره انه بيع فضة وشئ بفضة أو بفضة وشئ فصار كمسألة مدعجوة
(وَالثَّانِي)
لِأَنَّ الْفِضَّةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَأَشْبَهَ بَيْعَ تُرَابِ الصَّاغَةِ وَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ وَبَنَوْا عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ شِرَاءَ تُرَابِ الصَّاغَةِ وَتُرَابِ الْمَعْدِنِ وَهَذَا رَأْيُ الْقَفَّالِ فِيمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ وَاسْتَضْعَفُوا هَذَا وَاسْتَدَلُّوا لِلْأَوَّلِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ زَافَتْ دَرَاهِمُهُ فَلْيَأْتِ السُّوقَ وَلْيَشْتَرِ بها ثيابا) رواه (?) عَلَى أَنَّهُ قَدْ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ (زَافَتْ) عَلَى أَنَّهَا بَقِيَتْ لَيْسَ أَنَّهَا زُيُوفٌ جَمْعًا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ نُفَايَةِ بَيْتِ الْمَالِ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ قُدَامَةَ وَهَذِهِ هِيَ مَسْأَلَةُ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ وَقَدْ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَدْرُ الْغِشِّ مَعْلُومًا جَازَ قَطْعًا وَإِلَّا فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ (رَابِعُهَا) إنْ كَانَ الْغِشُّ غالبا لم يصح والا فيصح وَهُوَ
مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ (وَأَمَّا) الْمَغْشُوشَةُ بِغِشٍّ لَا قِيمَةَ لَهُ كَالزَّرْنِيخِيَّةِ فَالْعِلَّةُ فِي مَنْعِ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ أَوْ بِالْخَالِصَةِ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ أَوْ تَحَقُّقُ الْمُفَاضَلَةِ وَإِنْ ابْتَاعَ بِهَا ثِيَابًا جَازَ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَاقِعٌ عَلَى الْفِضَّةِ فَحَسْبُ وَهِيَ مُتَمَيِّزَةٌ عَنْ الزَّرْنِيخِيَّةِ ظَاهِرَةٌ عَلَيْهِ فَلَا مَنْعَ عَلَى الْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اشْتَرَى بِهَا ذَهَبًا جَازَ قَوْلًا وَاحِدًا هَكَذَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ ومقتضى ذلك أنه لا يجئ خلاف التعامل بالدراهم