أَنْ ذَكَرَ فَرَائِضَ الْوُضُوءِ وَسُنَنَهُ وَذَلِكَ أَكْمَلُ الْوُضُوءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فَأَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَذْكُرْ اسْتِحْبَابَ غَسْلِ الْعَيْنَيْنِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَصَحَّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يفعله فاستثنى لا خلاله بِذَلِكَ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ الْوُضُوءِ وَهَذَا الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرُوهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْحُسْنِ فَالْأَجْوَدُ غَيْرُهُ وَهُوَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزِيَادَةٍ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَوْ بِإِبْطَالِ مَا أَثْبَتَهُ وَلَمْ تَبْلُغْهُ فَاحْتَاطَ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَلِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَشْيَاءَ لم يثبها بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَحَذَفَ أَشْيَاءَ أَثْبَتَهَا بَعْضُهُمْ فَالِاسْتِثْنَاءُ حَسَنٌ لِهَذَا مَعَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ الْمَوَاطِنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَيْسَتْ الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ فَتُغْسَلَانِ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ أَوْ أكثرهم هذا لحن لانه جواب النفى بالفإ فَصَوَابُهُ فَتُغْسَلَا بِحَذْفِ النُّونِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَوْلُهُ فَتُغْسَلَانِ بِالنُّونِ صَحِيحٌ عِنْدَ عَامَّةِ النَّحْوِيِّينَ عَلَى إضْمَارِ الْمُبْتَدَأِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلا يُؤْذَنُ لهم فيعتذرون أَيْ فَهُمْ يَعْتَذِرُونَ

* وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ مَرَّةً وَذِرَاعَيْهِ مَرَّةً مَرَّةً وَمَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالنَّزَعَتَانِ مِنْ الرَّأْسِ وَغَسَلَ رجليه مرة مرة عم بِكُلِّ مَرَّةٍ أَجْزَأَهُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً هَذَا لفظه فاعترض عليه لا دخل حَدِيثِ مَسْحِ النَّاصِيَةِ وَذِكْرِ النَّزَعَتَيْنِ بَيْنَ أَعْضَاءِ الوضوء والجواب عنه أن هذا كلام اعتراض بَيْنَ الْجُمَلِ الْمَعْطُوفِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذِكْرِهِ وَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ الِاحْتِجَاجَ لِلِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ الرَّأْسِ عِنْدَ ذِكْرِهِ الِاقْتِصَارَ فَكَانَ الِاحْتِجَاجُ لَهُ مُهِمًّا فَعَجَّلَهُ وَذَكَرَ النَّزَعَتَيْنِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ الَّذِي

تَكَلَّمَ فِيهِ وَحَكَمَ بِأَنَّ بَعْضَهُ يَكْفِي فَكَأَنَّهُ يَقُولُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَوْ بَعْضَ النَّزَعَةِ منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015