قال المصنف رحمه الله
* (وإذا انعقد البيع ثبت لكل واحد من المتبايعين الخيار بين الفسخ والامضاء إلى أن يتفرقا أو يتخايرا لما روى ابن عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لم يتفرقا أو يقول أحدهما للآخر اختر) والتفرق أن يتفرقا بأبدانهما بحيث إذا كلمه على العادة لم يسمع كلامه لما روى نافع (ان ابن عمر رضى الله عنه كان إذا اشترى شيئا مشى أذرعا ليجب البيع ثم يرجع) ولان التفرق في الشرع مطلق فوجب أن يحمل على التفرق المعهود وذلك يحصل بما ذكرناه وان لم يتفرقا ولكن جعل بينهما حاجز من ستر أو غيره لم يسقط الخيار لان ذلك لا يسمى تفرقا
* وأما التخاير فهو أن يقول أحدهما للآخر اختر امضاء البيع أو فسخه فيقول الآخر اخترت امضاءه أو فسخه فينقطع الخيار لقوله عليه السلام (أو يقول أحدهما للآخر اختر) فان خير أحدهما صاحبه فسكت لم ينقطع خيار المسؤول وهل ينقطع خيار السائل فية وجهان
(أحدهما)
لا ينقطع خياره كما لو قال لزوجته اختاري فسكتت فان خيار الزوج في طلاقها لا يسقط
(والثانى)
أنه ينقطع لقوله عليه السلام أو يقول أحدهما للآخر اختر) فدل على أنه إذا قال يسقط خياره ويخالف تخيير المرأة فان المرأة لم تكن مالكة للخيار وإذا خيرها فقد ملكها ما لم تكن تملكه فإذا سكتت بقى على حقه وههنا المشترى يملك الفسخ فلا يفيد تخييره اسقاط حقه من الخيار فان أكرها على التفرق ففيه وجهان
(أحدهما)
يبطل الخيار لانه كان يمكنه أن يفسخ بالتخاير فإذا لم يفعل فقد رضى باسقاط الخيار
(والثانى)
أنه لا يبطل لانه لم يوجد منه أكثر من السكوت والسكوت لا يسقط الخيار
* فان باعه على أن لا خيار له ففيه وجهان (من) أصحابنا من قال لا يصح لان الخيار جعل رفقا بهما فجاز لهما تركه ولان الخيار غرر فجاز اسقاطه وقال أبو إسحق لا يصح وهو الصحيح لانه خيار يثبت بعد تمام البيع فلم يجز اسقاطه قبل تمامه كخيار الشفيع (فان قلنا) بهذا فهل بطل العقد بهذا الشرط فيه وجهان
(أحدهما)
لا يبطل لان هذا الشرط لا يؤدى إلى الجهل بالعوض والمعوض
(والثانى)
يبطل لانه يسقط موجب العقد فأبطله
كما لو شرط أن لا يسلم المبيع)
*