الْقِصَاصِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدُّيُونِ فَإِنْ أَقَمْنَا التَّرَاضِيَ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الْإِسْقَاطِ وَجَبَ أَنْ نُقِيمَهُ مَقَامَهُ فِي انْعِقَادِ الْعَقْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
ذَكَرَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَصْرُونٍ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ بِالْمُعَاطَاةِ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ بَيْنَ النَّاسِ فِيهَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ لِوُجُودِ طِيبِ النَّفْسِ بِهَا وَوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ فِيهَا هَذَا لَفْظُهُ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَالثَّانِي وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ بِهَا فِي الدَّارِ الآخرة وان كانت المطالبة ثابة فِي الدُّنْيَا عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ يَجْرِي فِي الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ (وَأَمَّا) الْهَدِيَّةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ فَفِيهَا خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْبَيْعِ إنْ صَحَّحْنَاهُ بالمعاطاة ولم نشترط فيهما لفظا فهما أَوْلَى بِذَلِكَ وَإِنْ شَرَطْنَا اللَّفْظَ فِي الْبَيْعِ فَفِيهِمَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ عِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ
(أَحَدُهُمَا)
وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الصَّدَاقِ وَآخَرُونَ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ يَشْتَرِطُ فِيهِمَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ كالبيع و (أصحهما) عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ قَرَارُ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ الْأَثْبَاتُ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ
* وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُحْمَلُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيأخدها وَلَا لَفْظَ هُنَاكَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى النَّاسُ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَلِهَذَا كَانُوا يَبْعَثُونَ بِهَا عَلَى أَيْدِي الصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا عِبَارَةَ لَهُمْ قَالَ أَصْحَابُنَا (فَإِنْ قِيلَ) كَانَ هَذَا إبَاحَةً لَا هَدِيَّةً وَتَمْلِيكًا (فَالْجَوَابُ) أَنَّهُ لَوْ كَانَ إبَاحَةً مَا تَصَرَّفُوا فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا قَبِلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْهَدَايَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَيُمَلِّكُهُ غَيْرَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ مَنْ اعْتَبَرَ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ عَلَى الْأَمْرِ الْمُشْعِرِ بِالرِّضَا دُونَ اللَّفْظِ وَيُقَالُ الْإِشْعَارُ بِالرِّضَا يَكُونُ لَفْظًا وَيَكُونُ فِعْلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا اشْتَرَطْنَا الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ بِاللَّفْظِ فَالْإِيجَابُ كَقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُكَ هَذَا أَوْ مَلَّكْتُكَ