يُفْتِي بِهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى وَكَذَا قَالَهُ آخَرُونَ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَلَّ الْبَيْعَ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الشَّرْعِ لَفْظٌ لَهُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى العرف فكلما عَدَّهُ النَّاسُ بَيْعًا كَانَ بَيْعًا كَمَا فِي الْقَبْضِ وَالْحِرْزِ وَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّهَا كُلَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَلَفْظَةُ الْبَيْعِ مَشْهُورَةٌ وَقَدْ اشْتَهَرَتْ الْأَحَادِيثُ بِالْبَيْعِ من النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي زَمَنِهِ وَبَعْدَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ في شئ مِنْهَا مَعَ كَثْرَتِهَا اشْتِرَاطُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاَللَّهُ أعلم
* وأحسن من هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَوْضَحَهَا الْمُتَوَلِّي فَقَالَ الْمُعَاطَاةُ الَّتِي جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ بِأَنْ يَزِنَ النَّقْدَ وَيَأْخُذَ الْمَتَاعَ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ لَيْسَتْ بَيْعًا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ كُلُّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالْمُعَاطَاةِ وَعَدَّهُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ وَمَا لَمْ تَجْرِ فِيهِ الْعَادَةُ بِالْمُعَاطَاةِ كَالْجَوَارِي وَالدَّوَابِّ وَالْعَقَارِ لَا يَكُونُ بَيْعًا قَالَ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى
* وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ المعاطاة بيع في المحقرات فاما النفيس فلابد فِيهِ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ الْقِيَاسُ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِاللَّفْظِ وَقِيَاسًا عَلَى الْعَقَارِ وَالنَّفَائِسِ وَوَجْهُ طَرِيقَةِ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مَعْهُودًا قَبْلَ وُرُودِ الشرع فورد ولم يغير حقيقته بَلْ عَلَّقَ بِهِ أَحْكَامًا فَوَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَكُلُّ مَا كَانَ عَدُّوهُ بَيْعًا جَعَلْنَاهُ بَيْعًا كَمَا يُرْجَعُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ إلَى الْعُرْفِ قَالَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ لَفْظُ التَّبَايُعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
صُورَةُ الْمُعَاطَاةِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ أَنْ يُعْطِيَهُ دِرْهَمًا أَوْ غَيْرَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فِي مقابلته وَلَا يُوجَدُ لَفْظٌ أَوْ يُوجَدُ لَفْظٌ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِذَا ظَهَرَ وَالْقَرِينَةُ وُجُودُ الرِّضَى مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَصَلَتْ الْمُعَاطَاةُ وَجَرَى فِيهَا الْخِلَافُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا التَّصْوِيرِ الْمُتَوَلِّي كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ آخَرُونَ قَالَ الشيخ أبو عمر وبن الصَّلَاحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَا وُجِدَ مِنْ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا فِي تَصْوِيرِهَا مِنْ ذِكْرِ لَفْظٍ كقوله خذ واعطى فَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْقَرِينَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْبَيْعَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي قُرِنَ بِالْعَطِيَّةِ فَإِنْ نَوَاهُ بِهِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْبَيْعِ بِالْكِنَايَةِ وَفِي صِحَّتِهِ بِالْكِنَايَةِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) الصِّحَّةُ مَعَ قَوْلِنَا لَا يَنْعَقِدُ بِالْمُعَاطَاةِ هَذَا كَلَامُ أَبِي عَمْرٍو
* فَأَمَّا إذَا أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا وَلَمْ يَتَلَفَّظَا بِبَيْعٍ بَلْ نَوَيَا أَخْذَهُ بِثَمَنِهِ الْمُعْتَادِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الناس