مَا تَزُولُ بِهِ الضَّرُورَةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ رَآهُ يَغْرَقُ أَوْ يَحْتَرِقُ وَأَمْكَنَهُ تَخْلِيصُهُ لَزِمَ تَخْلِيصُهُ مِنْ غَيْرِ إلْزَامِ عِوَضٍ

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الذِّمَّةَ كَالْمَالِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ لَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَ الطَّعَامِ بَذْلُهُ مَجَّانًا وَكَذَا إذَا أَمْكَنَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ

* قَالَ أَصْحَابُنَا وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ الْمُخَالِفُ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا بَلْ كُلُّ حَالَةٍ أَمْكَنَ فِيهَا الْمُوَافَقَةُ عَلَى عِوَضٍ لَمْ يَلْزَمْ إلَّا بِالْعِوَضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* (الثَّالِثَةُ) إذَا وَجَدَ مَيْتَةً وَطَعَامًا لِغَائِبٍ فَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حنيفة وأحملانه منصوص عليها وطعام غيره مجتهد فيه (والثاني) يَأْكُلُ طَعَامَ غَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَعَ طَهَارَتِهِ وَلَوْ وَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ (الرَّابِعَةُ) إذَا وَجَدَ الْمُضْطَرُّ آدَمِيًّا مَيِّتًا حَلَّ لَهُ أَكْلُهُ عِنْدَنَا كَمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ

* وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (الْخَامِسَةُ) ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ التَّدَاوِي بِجَمِيعِ النَّجَاسَاتِ سِوَى الْمُسْكِرِ وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَجُوزُ لِحَدِيثِ (إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) وَحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ

إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ الْعُرَنِيِّينَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا سَبَقَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى شُرْبِهِمْ الْأَبْوَالَ لِلتَّدَاوِي كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.

وَحَدِيثِ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَا يُغْنِي عَنْهُ وَيَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ الطَّاهِرَةِ.

وَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ إنْ صَحَّا حُمِلَا عَلَى النَّهْيِ عَنْ التَّدَاوِي بِالْمُسْكِرِ وَعَلَى التَّدَاوِي بِالْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ

* (وان مر ببستان لغيره وهو غير مضطر لم يجز أن يأخذ منه شيئا بغير إذن صاحبه لقوله صلى الله عليه وسلم (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِطِيبِ نفسه)

*

طور بواسطة نورين ميديا © 2015