عَلَى الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ النَّذْرَ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ وَاجِبِ الشَّرْعِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ أَقَلِّ جَائِزَةٍ وَمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ (أَصَحُّهُمَا) عَلَى وَاجِبِهِ فَيُشْتَرَطُ سِنُّ الْأُضْحِيَّةِ وَالسَّلَامَةَ
* وَلَوْ قَالَ أُضَحِّي بِبَعِيرٍ أَوْ بِبَقَرَةٍ فَفِيهِ مِثْلُ هَذَا الْخِلَافِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَبِالِاتِّفَاقِ لَا يُجْزِئُ الْفَصِيلُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَعِيرًا وَلَا الْعِجْلَ إذَا ذَكَرَ الْبَقَرَةَ وَلَا السَّخْلَةُ إذَا ذَكَرَ الشَّاةَ
* وَلَوْ قَالَ أُضَحِّي بِبَدَنَةٍ أَوْ أُهْدِي بَدَنَةً جَرَى الْخِلَافُ وَرَأَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذِهِ الصُّورَةَ أَوْلَى بِاشْتِرَاطِ السِّنِّ وَالسَّلَامَةِ وَهُوَ كَمَا رَأَى
* وَإِنْ أَهْدَى وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ (إنْ نَزَّلْنَاهُ) عَلَى مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ مِنْ جِنْسِهِ خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ بِكُلِّ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ حَتَّى الدَّجَاجَةَ أَوْ الْبَيْضَةَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ كُلِّ مَا يُتَمَوَّلُ لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إيصَالُهُ مَكَّةَ وَصَرْفُهُ إلَى فُقَرَائِهَا بَلْ يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ (وَإِنْ نَزَّلْنَاهُ) عَلَى أَقَلِّ وَاجِبِ الشَّرْعِ مِنْ جِنْسِهِ وَجَبَ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ إيصَالُهُ مَكَّةَ لِأَنَّ مَحِلَّ الْهَدْيِ الْحَرَمُ وَقَدْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْهَدْيِ
وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ حَمْلُهُ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ
* (أَمَّا) إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ الْهَدْيَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْهَدْيِ الْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ مَا يُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَوَجَبَ صَرْفُهُ إلَى الْمَعْهُودِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (الثَّالِثَةُ) إذَا نَذَرَ ذَبْحَ حَيَوَانٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَدْيٍ وَلَا أُضْحِيَّةٍ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ هَذِهِ الْبَقَرَةَ أَوْ أَنْحَرَ هَذِهِ الْبَدَنَةَ فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ وَأَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا أَوْ نَوَاهُ لَزِمَهُ الذَّبْحُ وَالتَّصَدُّقُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ وَلَا نَوَاهُ فَوَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَلْزَمُهُ الذَّبْحُ وَالتَّصَدُّقُ (وَأَصَحُّهُمَا) لَا يَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ التَّصَدُّقَ وَإِنَّمَا الْتَزَمَ الذَّبْحَ وَحْدَهُ وَلَيْسَ فِيهِ قُرْبَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّدَقَةِ وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً إلَى مَكَّةَ أَوْ أَنْ يَتَقَرَّبَ بِسَوْقِهَا وَيَذْبَحَهَا وَيُفَرِّقَ لَحْمَهَا عَلَى فُقَرَائِهَا لَزِمَهُ الْوَفَاءُ وَلَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلذَّبْحِ وَتَفْرِقَةِ اللَّحْمِ لَزِمَهُ الذَّبْحُ بِهَا أَيْضًا وَفِي تَفْرِقَةِ اللَّحْمِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا يَجِبُ تَفْرِقَتُهُ بِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بَلْ لَهُ التَّفْرِقَةُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (وَأَصَحُّهُمَا) الْوُجُوبُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ وَلَوْ نَذَرَ الذَّبْحَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ خَارِجَ الْحَرَمِ وَتَفْرِيقَ اللَّحْمِ فِي الْحَرَمِ عَلَى أَهْلِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي الذَّبْحُ خَارِجُ الْحَرَمِ لَا قُرْبَةَ فِيهِ فَيَذْبَحُ حَيْثُ شَاءَ وَيَلْزَمُهُ تَفْرِقَةُ اللَّحْمِ فِي الْحَرَمِ وَكَأَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ إلَى مَكَّةَ لَحْمًا
* وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَذْبَحَ بِمَكَّةَ وَيُفَرِّقَ اللَّحْمَ عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ آخَرَ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَ
* وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَنْحَرَ أَوْ أَذْبَحَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلَفْظِ الْقُرْبَةِ وَالتَّضْحِيَةِ وَلَا التَّصَدُّقِ فَفِي انْعِقَادِ نَذْرِهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) يَنْعَقِدُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَعَلَى هَذَا فِي وُجُوبِ التَّصَدُّقِ بِاللَّحْمِ عَلَى فُقَرَائِهَا الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ
* وَلَوْ نَذَرَ الذَّبْحَ بِأَفْضَلِ بَلَدٍ صَحَّ نَذْرُهُ وَلَزِمَهُ الْوَفَاءُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ نَذَرَ الذَّبْحَ بِمَكَّةَ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْبِلَادِ عِنْدَنَا وَقَدْ سَبَقَ