رَسُولِ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ
* قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُنَاسِبُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ مَا حَكَى فِي الشَّامِلِ وَغَيْرِهِ عَنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ
اللَّهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ ذَبِيحَةٌ يَذْبَحُونَهَا بِاسْمِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَسِيحِ لَمْ تَحِلَّ
* وَفِي كِتَابِ الْقَاضِي ابْنِ كَجٍّ أَنَّ الْيَهُودِيَّ لَوْ ذَبَحَ لِمُوسَى أَوْ النَّصْرَانِيَّ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ أَوْ لِلصَّلِيبِ حَرُمَتْ ذَبِيحَتُهُ وَأَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ ذَبَحَ لِلْكَعْبَةِ أَوْ ذَبَحَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقْوَى أَنْ يُقَالَ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَخَرَّجَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهَا تَحِلُّ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَذْبَحُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يَعْتَقِدُ فِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَعْتَقِدُهُ النَّصْرَانِيُّ فِي عِيسَى
* قَالُوا وَإِذَا ذَبَحَ لِلصَّنَمِ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ الذَّابِحُ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا
* وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمِ الْمَرْوَرُوذِيِّ أَنَّ مَا يُذْبَحُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ السُّلْطَانِ تَقَرُّبًا إلَيْهِ أَفْتَى أَهْلُ نَجْرَانَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى
* قَالَ الرَّافِعِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الذَّبْحَ لِلْمَعْبُودِ وَبِاسْمِهِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ السُّجُودِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْظِيمِ وَالْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى الَّذِي هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ فَمَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِهِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ جَمَادٍ كَالصَّنَمِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ وَالْعِبَادَةِ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُ وَكَانَ فِعْلُهُ كُفْرًا كَمَنْ يَسْجُدُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى سَجْدَةَ عِبَادَةٍ فَكَذَا لَوْ ذَبَحَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (فَأَمَّا) إذَا ذَبَحَ لِغَيْرِهِ لَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنْ ضَحَّى أَوْ ذَبَحَ لِلْكَعْبَةِ تَعْظِيمًا لَهَا لِكَوْنِهَا بَيْتَ الله تعالى أَوْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهِ رَسُولَ اللَّهِ فَهُوَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ حِلَّ الذَّبِيحَةِ وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى يَرْجِعُ قَوْلُ الْقَائِلِ أَهْدَيْت لِلْحَرَمِ أَوْ الْكَعْبَةِ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الذَّبْحُ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ اسْتِبْشَارٌ بِقُدُومِهِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ لِوِلَادَةِ الْمَوْلُودِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ وَكَذَا السُّجُودُ لِلْغَيْرِ تَذَلُّلًا وَخُضُوعًا لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا
* وَعَلَى هَذَا فَإِذَا قَالَ الذَّابِحُ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ وَأَرَادَ أَذْبَحُ بِاسْمِ اللَّهِ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَةَ مَكْرُوهَةٌ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ يَصِحُّ نَفْيُ الْجَوَازِ وَالْإِبَاحَةِ الْمُطْلَقَةِ عَنْهُ
* قَالَ وَوَقَعَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَقِينَاهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ قَزْوِينَ فِي أَنَّ مَنْ ذَبَحَ بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ رَسُولِهِ هَلْ تَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ وَهَلْ يَكْفُرُ بِذَلِكَ وَأَفْضَتْ تِلْكَ الْمُنَازَعَةُ إلَى فِتْنَةٍ قَالَ وَالصَّوَابُ مَا بَيَّنَّاهُ هَذَا كلام الرافعي