(فَرْعٌ)
فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ مَذْهَبُنَا أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهَا إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ
النَّحْرِ ثُمَّ مَضَى قَدْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَخُطْبَتَيْنِ كَمَا سَبَقَ فَإِذَا ذَبَحَ بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ سَوَاءٌ صَلَّى الْإِمَامُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ صَلَّى الْمُضَحِّي أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَوْ الْبَوَادِي أَوْ الْمُسَافِرِينَ وَسَوَاءٌ ذَبَحَ الْإِمَامُ ضَحِيَّتَهُ أَمْ لَا
* هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ دَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا
* وَقَالَ عَطَاءٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَدْخُلُ وَقْتُهَا فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ إذَا صَلَّى الْإِمَامُ وَخَطَبَ فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ قَالَ وَأَمَّا أَهْلُ الْقُرَى وَالْبَوَادِي فَوَقْتُهَا فِي حَقِّهِمْ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ الثَّانِي
* وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا إلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَخُطْبَتَيْهِ وَذَبْحِهِ
* وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَجُوزُ قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَيَجُوزُ بَعْدَهَا قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ أَهْلُ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ وَنَحْوِهِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ بن راهويه
* وقال سفيان الثَّوْرِيُّ يَجُوزُ ذَبْحُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَ خُطْبَتِهِ وَفِي حَالِ خُطْبَتِهِ
* قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا يَصِحُّ ذَبْحُهَا قَبْلَ طلوع الفجر يوم النحر
* احتج الْقَائِلُونَ بِاشْتِرَاطِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ نَحْرٍ فَقَالَ إنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ نُصَلِّيَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ عَجَّلَهُ لِأَهْلِ بَيْتِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ في شئ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَاتٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ
* وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَذْبَحَنَّ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ) وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَطَبَ فَأَمَرَ مَنْ كان ذبح قبل الصلاة أن يعد ذَبْحًا) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
* وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ (شَهِدْت الْأَضْحَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ إنَّ نَاسًا ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ مِنْكُمْ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ ذَبِيحَتَهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ قَالُوا وَالْمُرَادُ بِهَا التَّقْدِيرُ بِالزَّمَانِ لَا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ بِالزَّمَانِ أَشْبَهُ بِمَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَلِأَنَّهُ أَضْبَطُ لِلنَّاسِ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْبَوَادِي قَالَ أَصْحَابُنَا وَهَذَا هُوَ المراد بالاحاديث وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ