الْمَاوَرْدِيُّ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ ذَبَحَهُ وَفِي الْوَقْتِ سَعَةٌ لَزِمَهُ الْأَرْشُ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَا يَسَعُ
ذَبْحَهَا فَذَبَحَهَا فَلَا أَرْشَ لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ
* وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْأَرْشَ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) أَنَّهُ لِلْمُهْدِي لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْهَدْيِ وَلَا حَقَّ لِلْمَسَاكِينِ فِي غَيْرِهِ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّهُ بَدَلُ نَقْصِهِ وليس لِلْمُهْدِي إلَّا الْأَكْلُ (وَالثَّالِثُ) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ فَعَلَى هَذَا يَشْتَرِي بِهِ شَاةً فَإِنْ تَعَذَّرَتْ عَادَ الْخِلَافُ السَّابِقُ قَبْلَ هَذَا الْفَصْلِ فِي أَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ جُزْءًا مِنْ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ يُفَرِّقُ بِنَفْسِهِ دَرَاهِمَ
* هَذَا كُلُّهُ إذَا ذَبَحَ الْأَجْنَبِيُّ وَاللَّحْمُ بَاقٍ فَإِنْ أَكَلَهُ أَوْ فَرَّقَهُ فِي مَصَارِفِ الْهَدْيِ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ فَهُوَ كَالْإِتْلَافِ بِغَيْرِ ذَبْحٍ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ قَرِيبًا لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمَصْرُوفِ إلَيْهِ إلَى الْمُهْدِي وَالْمُضَحِّي فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ الذَّابِحَ الضَّمَانُ وَيَأْخُذُ الْمُهْدِي مِنْهُ الْقِيمَةَ وَيَشْتَرِي بِهَا هَدْيًا وَيَذْبَحُهُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ تَقَعُ التَّفْرِقَةُ عَنْ الْمُهْدِي كَالذَّبْحِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ
* وَفِي قَدْرِ الضَّمَانِ الْوَاجِبِ قَوْلَانِ (الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ) وَاخْتِيَارُ الْجُمْهُورِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ عِنْدَ الذَّبْحِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا ذَبْحٍ (وَالثَّانِي) يَضْمَنُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ اللَّحْمِ لِأَنَّهُ فَرَّقَ اللَّحْمَ مُتَعَدِّيًا وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ جِدًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الذَّبْحِ وَقِيمَةُ اللَّحْمِ وَقَدْ يَزِيدُ الْأَرْشُ مَعَ قِيمَةِ اللَّحْمِ عَلَى قِيمَةِ الشَّاةِ وَقَدْ يَنْقُصُ وَقَدْ يَتَسَاوَيَانِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا اخْتِصَاصَ لِهَذَا الْخِلَافِ بِصُورَةِ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ بَلْ يَطَّرِدُ فِي كُلِّ مَنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ ثُمَّ أَتْلَفَ لَحْمَهَا
* هَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي ذَبَحَهَا الْأَجْنَبِيُّ تَقَعُ هَدْيًا وَأُضْحِيَّةً فَإِنْ قُلْنَا لَا تَقَعُ فَلَيْسَ عَلَى الذَّابِحِ إلَّا أَرْشُ النَّقْصِ وَفِي حُكْمِ اللَّحْمِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِجِهَةِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالثَّانِي يَكُونُ مِلْكًا لَهُ
* وَلَوْ الْتَزَمَ هَدْيًا أَوْ أُضْحِيَّةً بِالنَّذْرِ ثُمَّ عَيَّنَ شَاةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فَذَبَحَهَا أَجْنَبِيٌّ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ فِي الْحَرَمِ فَالْقَوْلُ فِي وُقُوعِهَا عَنْ النَّاذِرِ وَفِي أَخْذِهِ اللَّحْمَ وَتَصَدُّقِهِ بِهِ وَفِي غَرَامَةِ الذَّابِحِ أَرْشُ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنْ كَانَ اللَّحْمُ تَالِفًا قَالَ الْبَغَوِيّ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ وَيَمْلِكُهَا وَيَبْقَى الْأَصْلُ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي هَذَا اللَّفْظِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ قولنا في صورة الاتلاف يأخذ القيمة