رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ (أَهْدَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَأَمَرَنِي بِلُحُومِهَا فَقَسَّمْتهَا ثُمَّ أَمَرَنِي بِجَلَالِهَا فَقَسَّمْتهَا ثُمَّ أَمَرَنِي بِجُلُودِهَا فَقَسَّمْتهَا) وَاتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَجْلِيلِ الْهَدْيِ وَالصَّدَقَةِ بِذَلِكَ الْجِلِّ
* وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّجْلِيلَ يَكُونُ بَعْدَ الْإِشْعَارِ لِئَلَّا يَتَلَطَّخَ بِالدَّمِ وَتَكُونُ نَفَاسَةُ الْجِلَالِ بِحَسَبِ حَالِ الْمُهْدَى وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُجَلِّلُ بِالْوَشْيِ وبعضهم بالحبره وبعضهم بالملادن والازر
* وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُجَلِّلُ بِالْأَنْمَاطِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْأَسْنِمَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا قَلِيلَةً لِئَلَّا يَسْقُطَ وَلِيَظْهَرَ الْإِشْعَارُ وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً لَمْ يَشُقَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ الله
* فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ إلَى أَنْ يَنْحَرَ وَإِنْ كَانَ نَذْرًا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَصَارَ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيتُ نجيبة وأعطيت بها ثلثمائة دِينَارٍ أَفَأَبِيعُهَا وَأَبْتَاعُ بِثَمَنِهَا بُدْنًا وَأَنْحَرُهَا قَالَ لَا وَلَكِنْ انْحَرْهَا إيَّاهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُرْكَبُ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهُ بِالْمَعْرُوفِ إذَا احتاج لقوله تعالى (ولكم فيها منافع إلى أجل مسمى) وَسُئِلَ جَابِرٌ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رُكُوبِ الْهَدْيِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إذَا أُلْجِئْت إلَيْهَا فَإِنْ نَقَصَتْ بِالرُّكُوبِ ضُمِنَ النُّقْصَانُ وَإِنْ نَتَجَتْ تَبِعَهَا الْوَلَدُ وَيَنْحَرُهُ مَعَهَا سَوَاءً حَدَثَ بَعْدَ النَّذْرِ أَوْ قَبْلَهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً وَمَعَهَا وَلَدُهَا فَقَالَ لَا تَشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَاذْبَحْهَا وَوَلَدَهَا وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يُزِيلُ الْمِلْكَ فَاسْتَتْبَعَ الْوَلَدَ كَالْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَمْشِيَ حَمَلَهُ عَلَى ظهر الام لما روي أن ابْنُ عُمَرَ كَانَ يَحْمِلُ وَلَدَ الْبَدَنَةِ إلَى أَنْ يُضَحِّيَ عَلَيْهَا وَلَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا إلَّا ما لا يحتاج إليه الولد لقول عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ غِذَاءُ الْوَلَدِ وَالْوَلَدُ كَالْأُمِّ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْنَعَ الْأُمَّ عَلَفَهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ