صِفَةً لِعَذَابٍ

* فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا يَصِحُّ الْإِتْبَاعُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَاوٌ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يَصِحَّ وَالْآيَةُ فِيهَا وَاوٌ قُلْنَا هَذَا غلط فان الاتباع مع الواو ومشهور فِي أَشْعَارِهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا أَنْشَدُوهُ: لَمْ يَبْقَ إلَّا أَسِيرٌ غَيْرُ مُنْفَلِتِ

* وَمُوثَقٍ فِي عقال الاسر مكبول فخفض موثقا لمجاورته مُنْفَلِتٍ وَهُوَ مَرْفُوعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى أَسِيرٍ فَإِنْ قَالُوا الْإِتْبَاعُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا لَا لَبْسَ فِيهِ وَهَذَا فِيهِ لَبْسٌ قُلْنَا لَا لَبْسَ هُنَا لِأَنَّهُ حُدِّدَ بِالْكَعْبَيْنِ وَالْمَسْحُ لَا يَكُونُ إلَى الْكَعْبَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ: وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ قِرَاءَتَيْ الْجَرِّ وَالنَّصْبِ يَتَعَادَلَانِ وَالسُّنَّةُ بَيَّنَتْ وَرَجَّحَتْ الْغَسْلَ فَتَعَيَّنَ: الثَّالِثُ ذَكَرَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالدَّارِمِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَآخَرُونَ وَنَقَلَهُ أَبُو حَامِدٍ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْجَرَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَسْحِ الْخُفِّ وَالنَّصْبَ عَلَى الْغَسْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ خُفٌّ

* الرَّابِعُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الْمَسْحُ لِحُمِلَ الْمَسْحُ عَلَى الْغَسْلِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْقِرَاءَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَسْحَ يُطْلَقُ عَلَى الْغَسْلِ كَذَا نَقَلَهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ: مِنْهُمْ أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَآخَرُونَ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ العرب تسمي خفيف الغسل مسحا وردى البيهقي باسناده عن الاعمش قال كانوا يقرؤونها وَكَانُوا يَغْسِلُونَ

* وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ احْتِجَاجِهِمْ بِكَلَامِ أَنَسٍ فَمِنْ أَوْجُهٍ أَشْهَرُهَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ أَنَسًا أَنْكَرَ عَلَى الْحَجَّاجِ كَوْنَ الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ الْغَسْلِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْغَسْلَ إنَّمَا عُلِمَ وُجُوبُهُ مِنْ بَيَانِ السُّنَّةِ فَهُوَ موافق للحجاج كَوْنَ الْآيَةِ تَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ الْغَسْلِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْغَسْلَ إنَّمَا عُلِمَ وُجُوبُهُ مِنْ بَيَانِ السُّنَّةِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَجَّاجِ فِي الْغَسْلِ مُخَالِفٌ لَهُ فِي الدَّلِيلِ

* وَالثَّانِي ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ الْغَسْلَ إنَّمَا أَنْكَرَ القراءة فكأنه لم يكن (?) قِرَاءَةَ النَّصْبِ وَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ وَيُؤَيِّدُ

هَذَا التَّأْوِيلَ أَنَّ أَنَسًا نَقَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَلَّ عَلَى الْغَسْلِ وَكَانَ أَنَسٌ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ

* الثَّالِثُ لَوْ تَعَذَّرَ تَأْوِيلُ كَلَامِ أَنَسٍ كَانَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلِهِ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَقَوْلِهِمْ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ: وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحْسَنُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ بِإِسْنَادِهِ فِي كِتَابِهِ اختلاف العلماء الا أن إسناده ضعيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015