عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَدْرًا يَسِيرًا وَلَا يَصِحُّ سَعْيُهُ إلَّا بِذَلِكَ لِيَسْتَيْقِنَ قَطْعَ جَمِيعِ الْمَسَافَةِ كَمَا يَلْزَمُهُ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ فِي غَسْلِ الْوَجْهِ لِيَسْتَيْقِنَ إكْمَالَ الْوَجْهِ حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ عَنْ أَبِي حَفْصِ بْنِ الْوَكِيلِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاتَّفَقُوا عَلَى تَضْعِيفِهِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الصُّعُودُ وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ السَّابِقِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَعَى رَاكِبًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّاكِبَ لَا يَصْعَدُ
* قَالَ أَصْحَابُنَا وَأَمَّا اسْتِيقَانُ قَطْعِ جَمِيعِ الْمَسَافَةِ فَيَحْصُلُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إلْصَاقِ الْعَقِبِ وَالْأَصَابِعِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ ابْنِ الْوَكِيلِ أَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ صُعُودُ الصفا والمروة بشئ قَلِيلٍ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ الْجُمْهُورُ وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ صُعُودُهُمَا قَدْرَ قَامَةِ رَجُلٍ وَالصَّحِيحُ عَنْهُ الْأَوَّلُ (وَالْوَاجِبُ الثَّانِي) التَّرْتِيبُ وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ الصَّفَا فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ يُحْسَبْ مُرُورُهُ مِنْهَا إلَى الصَّفَا فَإِذَا عَادَ مِنْ الصَّفَا كَانَ هَذَا أَوَّلَ سَعْيِهِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْمَرْوَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ مِنْ الصَّفَا وَالرَّابِعَةِ مِنْ الْمَرْوَةِ وَالْخَامِسَةِ مِنْ الصَّفَا وَالسَّادِسَةِ مِنْ الْمَرْوَةِ وَالسَّابِعَةِ مِنْ الصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ فَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا أراد االعود مِنْ الْمَرْوَةِ إلَى الصَّفَا لِلْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَدَلَ عَنْ مَوْضِعِ السَّعْيِ وَجَعَلَ طَرِيقَهُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَابْتَدَأَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الصَّفَا أَيْضًا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ تِلْكَ الْمَرَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ الْمَرْزُبَانِ وَالدَّارِمِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْجُمْهُورُ
* وَحَكَى الرويانى وغيره وجها شاذا أنها تحسب الصواب الْأَوَّلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَعَى هَكَذَا وَقَالَ لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ نَكَسَ السَّعْيَ فَبَدَأَ أَوَّلًا بِالْمَرْوَةِ وَخَتَمَ السَّابِعَةَ بِالصَّفَا لَمْ تَجْزِهِ الْمَرَّةُ الْأُولَى الَّتِي بَدَأَهَا مِنْ الْمَرْوَةِ وَتَصِيرُ الثَّانِيَةُ الَّتِي بَدَأَهَا مِنْ الصَّفَا أُولَى وَيُحْسَبُ مَا بَعْدَهَا فَيَحْصُلُ لَهُ سِتُّ مَرَّاتٍ وَيَبْقَى عَلَيْهِ سَابِعَةٌ فيبدأها مِنْ الصَّفَا فَإِذَا وَصَلَ الْمَرْوَةَ تَمَّ سَعْيُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَذَا الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ نَسِيَ بَعْضَ السَّبْعِ فَإِنْ نَسِيَ السَّابِعَةَ أَتَى بِهَا يَبْدَؤُهَا مِنْ الصَّفَا وَلَوْ نَسِيَ السَّادِسَةَ وَسَعَى السَّابِعَةَ حُسِبَتْ لَهُ الْخَمْسُ الْأُوَلُ وَلَا تُحْسَبُ
السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ شَرْطٌ فَلَا تَصِحُّ السَّابِعَةُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالسَّادِسَةِ فَيَلْزَمُهُ سَادِسَةٌ يَبْدَؤُهَا مِنْ الْمَرْوَةِ ثُمَّ سَابِعَةٌ يَبْدَؤُهَا مِنْ الصَّفَا فَيَتِمُّ سَعْيُهُ بِوُصُولِهِ الْمَرْوَةَ وَقَالَ لَوْ نَسِيَ الْخَامِسَ لَمْ يَعْتَدَّ بِالسَّادِسِ وَجَعَلَ السَّابِعَ خَامِسًا ثُمَّ أَتَى بِالسَّادِسِ ثُمَّ السَّابِعِ قَالَ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْمَسْعَى لَمْ يَسْتَوْفِهِ فِي سَعْيِهِ فَلَوْ تَرَكَ ذِرَاعًا مِنْ الْمَرَّةِ السَّابِعَةِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ (أَحَدُهَا) أَنْ يتركه من آخر السابقة فيعود ويأتي