آخَرَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ التَّكْرَارِ وَإِنَّمَا هُوَ مُحَاوِلَةٌ لِلِاسْتِيعَابِ وَالِاسْتِيعَابُ سُنَّةٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ التَّكْرَارِ وَرَدُّ الْيَدِ مِنْ الْقَفَا إلَى النَّاصِيَةِ مِنْ الِاسْتِيعَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أُحِبُّ أَنْ يَتَحَرَّى جَمِيعَ رَأْسِهِ وَصُدْغَيْهِ هَذَا لَفْظُهُ قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ مَنْ جَعَلَ الصُّدْغَيْنِ مِنْ الرأس قال قال الشافعي ذلك لا ستيعاب الرَّأْسِ وَمَنْ جَعَلَهُمَا مِنْ الْوَجْهِ قَالَ قَالَ الشافعي ذلك ليصير بالابتداء منهما محتلطا في استيفاء أَجْزَاءِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ هَكَذَا تَرَكَ جُزْءًا مِنْ أَوَّلِ الرَّأْسِ لَا يَمُرُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا مَسَحَ جميع الرأس فوجهان مشهوران لا صحابنا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْفَرْضَ مِنْهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ فَرْضًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ خِصَالِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَأَيُّ خَصْلَةٍ فَعَلَهَا حُكِمَ بِأَنَّهَا الْوَاجِبُ ثُمَّ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْوَجْهَانِ فِيمَنْ مَسَحَ دُفْعَةً وَاحِدَةً أَمَّا مَنْ مَسَحَ مُتَعَاقِبًا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَمَا سِوَى الْأَوَّلِ سُنَّةٌ قَطْعًا وَالْأَكْثَرُونَ أَطْلَقُوا الْوَجْهَيْنِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ: مِنْهَا إذَا طَوَّلَ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ فَهَلْ الْوَاجِبُ الْجَمِيعُ أَمْ الْقَدْرُ الَّذِي لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ فِيهِ الْوَجْهَانِ: وَمِثْلُهُ لَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَهَلْ الْوَاجِبُ مِنْهُ الْخَمْسُ أَوْ الْجَمِيعُ فيه الوجهن وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الزَّكَاةِ: وَمِثْلُهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُهْدِيَ شَاةً أَوْ يُضَحِّيَ بِهَا فَأَهْدَى بَدَنَةً أَوْ ضَحَّى بِهَا أَجْزَأَهُ وَهَلْ الْوَاجِبُ جَمِيعَهَا أَوْ سُبْعُهَا وَالْبَاقِي تَطَوُّعٌ فِيهِ الْوَجْهَانِ وَقَدْ ذَكَرَهَا
الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النَّذْرِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْوَاجِب الْقَدْرُ الْمُجْزِئُ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَإِطَالَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي تَكْثِيرِ الثَّوَابِ فَإِنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ النَّفْلِ وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِي الزَّكَاةِ فِي الرُّجُوعِ إذَا عَجَّلَ الزَّكَاةَ ثُمَّ جَرَى مَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْوَاجِبِ لَا فِي النَّفْلِ وَفَائِدَتُهُمَا فِي النَّذْرِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِمَا