(فَرْعٌ)
لَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَانْدَمَلَ جُرْحُهُ وَصَارَ الصَّيْدُ زَمَنًا فَفِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَحَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ قَوْلَيْنِ وَكَذَا حَكَاهُمَا أَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الجامع (أصحهما) يلزمه جزاء كامل كما لَوْ أَزْمَنَ عَبْدًا لَزِمَهُ كُلُّ قِيمَتِهِ
(وَالثَّانِي)
يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى شَاةٍ فَأَزْمَنَهَا وَصَحَّحَ صَاحِبُ الْبَيَانِ هَذَا الثَّانِي وَهُوَ تَصْحِيحٌ شَاذٌّ بَلْ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ كَامِلٌ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى تَصْحِيحِهِ أَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَاتٌ مِنْ كِبَارِ الْأَصْحَابِ مِمَّنْ قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ ونقله الشيخ أبو حامد عن الاصحاب مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ مُعْظَمِ الْأَئِمَّةِ قَالَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْقَائِلُ بِأَرْشِ مَا نَقَصَ مُزَيَّفٌ مَتْرُوكٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَإِنْ قُلْنَا) يَلْزَمُهُ أَرْشُ النَّقْصِ فَهَلْ يَجِبُ قِسْطٌ مِنْ الْمِثْلِيِّ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مِنْ قِيمَةِ الْمِثْلِ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ قَرِيبًا فِيمَا إذَا جَرَحَهُ فَنَقَصَ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَلَوْ أَزْمَنَهُ فَجَاءَ مُحْرِمٌ آخر فَقَتَلَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ أَوْ قَبْلَهُ فَعَلَى الْقَاتِلِ جَزَاؤُهُ زَمَنًا بِلَا خِلَافٍ وَيَبْقَى عَلَى الْأَوَّلِ الْجَزَاءُ الَّذِي كَانَ كَمَا كَانَ وَهُوَ كَمَالُ الْجَزَاءِ أَوْ أَرْشُ النَّقْصِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ إنْ أَوْجَبْنَا هُنَاكَ جَزَاءً كَامِلًا عَادَ بِجِنَايَةِ الثَّانِي إلَى أَرْشِ النَّقْصِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ إيجَابُ جَزَاءَيْنِ لِمُتْلِفٍ وَاحِدٍ وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ (أَمَّا) إذَا أَزْمَنَهُ مُحْرِمٌ ثُمَّ عَادَ هُوَ فَقَتَلَهُ فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَزِمَهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فَقَطْ
* وَلَنَا هُنَاكَ وَجْهٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الطَّرَفِ مع دية النفس
* قال إمام الحرمين وغيره فيجئ ذَلِكَ الْوَجْهُ هُنَا وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ أفردت كل جناية بحكمها ففى القتل جزاءه زَمَنًا وَفِي الْإِزْمَانِ الْوَجْهَانِ (الْأَصَحُّ) جَزَاءٌ كَامِلٌ إذَا أَوْجَبْنَا فِي الْإِزْمَانِ جَزَاءً كَامِلًا وَإِنْ كَانَ لِلصَّيْدِ امْتِنَاعَانِ كَالنَّعَامَةِ تَمْتَنِعُ بِالْعَدْوِ وَبِالْجَنَاحِ فَأَبْطَلَ أَحَدَ امْتِنَاعَيْهِ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَحَكَاهُمَا غَيْرُهُ
(أَحَدُهُمَا)
يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ لِتَعَدُّدِ الِامْتِنَاعِ (وَأَصَحُّهُمَا) لَا لِاتِّحَادِ الْمُمْتَنِعِ وَعَلَى هَذَا فَمَا الْوَاجِبُ
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَجِبُ مَا نَقَصَ لِأَنَّ امْتِنَاعَ النَّعَامَةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرِّجْلِ وَالْجَنَاحِ فَالزَّائِلُ بَعْضُ الِامْتِنَاعِ
*