(فَرْعٌ)
قَالَ أَصْحَابُنَا الْمُفْسِدُ لِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ إذَا مضى في فاسده وارتكب محظورا بعد الافساد أثم ولزمه الكفارة فإذ تَطَيَّبَ أَوْ لَبِسَ أَوْ قَتَلَ صَيْدًا أَوْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا إلَّا الْجِمَاعَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَفِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا خِلَافَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا مَا انْفَرَدَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهُ حَكَى قَوْلًا شَاذًّا ضَعِيفًا انه لا يلزمه شئ بِارْتِكَابِ الْمَحْظُورَاتِ كَمَا لَوْ وَطِئَ فِي نَهَارِ رمضان ثم وطئ ثانيا لا شئ عَلَيْهِ مَعَ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كُلَّهُ فِي جِمَاعِ الْعَامِدِ الْعَالَمِ بِتَحْرِيمِهِ الْمُخْتَارِ لَهُ العاقل (فأما) النَّاسِي وَالْجَاهِلُ وَالْمُكْرَهُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حُكْمِهِمْ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا أَحْرَمَ مُجَامِعًا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا (أَصَحُّهُمَا) لَا يَنْعَقِدُ
إحْرَامُهُ كَمَا لَا تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ مَعَ الْحَدَثِ (وَالثَّانِي) يَنْعَقِدُ صَحِيحًا فَإِنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَسَدَ نُسُكُهُ وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ وَالْقَضَاءُ وَالْبَدَنَةُ
* وَاحْتَجُّوا لَهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّوْمِ فِيمَا إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مَجَامِعٌ إنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ صَحَّ صَوْمُهُ وَإِلَّا فَسَدَ (وَالثَّالِثُ) يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ سَوَاءٌ نَزَعَ أَوْ مَكَثَ (وَأَمَّا) الْكَفَّارَةُ فَإِنْ نَزَعَ فِي الحال لم يجب شىء وَإِنْ مَكَثَ وَجَبَتْ وَفِي الْوَاجِبِ الْقَوْلَانِ فِي نَظَائِرِهِ
(أَحَدُهُمَا)
بَدَنَةٌ
(وَالثَّانِي)
شَاةٌ
* وَاسْتَدَلَّ الْبَغَوِيّ لِهَذَا الْوَجْهِ الثَّالِثِ بِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَبْطُلُ ويخرج مِنْهُ بِمُنَافِيهِ وَهُوَ الْجِمَاعُ فَلَا يَمْتَنِعُ انْعِقَادُهُ مَعَهُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ حَجَّتِهِ أَوْ عُمْرَتِهِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ (أَصَحُّهُمَا) يَفْسُدُ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَهَذَا هو الاصح عند الشيخ أبى حَامِدٍ
(وَالثَّانِي)
لَا يَفْسُدُ كَمَا لَا يَفْسُدُ بِالْجُنُونِ فَعَلَى هَذَا لَا يُعْتَدُّ بِالْمَفْعُولِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ لَكِنْ إذَا أَسْلَمَ بَنَى عَلَى مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ إنْ كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ إنْ كَانَ وَقْتُ الْوُقُوفِ بَاقِيًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقَفَ وَأَسْلَمَ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْفَوَاتِ وَسَوَاءٌ طَالَ زَمَنُ الرِّدَّةِ أَمْ قَصُرَ فَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ (إنْ قُلْنَا)