(وَأَمَّا) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَابُ الْإِحْرَامِ وَمَا يَحْرُمُ فِيهِ فَكَذَا قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ مِنْ يَحْرُمُ وَلَيْسَ هُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ لِأَنَّهُ صَدَّرَ الْبَابَ بمقدمات الاحرام من الاغتسال والتنظف وَالتَّطَيُّبِ وَالصَّلَاةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْإِحْرَامَ نَفْسَهُ وَهُوَ النِّيَّةُ فَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي تَرْجَمَةِ الْإِحْرَامِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ مَا يَحْرُمُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ وَلَوْ كَانَ بِضَمِّ الْيَاءِ عَلَى إرَادَةِ مَا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ لَكَانَتْ التَّرْجَمَةُ قَاصِرَةً لِأَنَّهُ يَكُونُ مُدْخِلًا فِي الْبَابِ مَا لَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ وَهُوَ مُحَرَّمَاتُ الْإِحْرَامِ وَهِيَ مُعْظَمُ الباب فتعين ما قلناه والحمد الله وَهُوَ أَعْلَمُ
* (وَقَوْلُهُ) لِأَنَّهُ غُسْلٌ يُرَادُ لِلنُّسُكِ احْتِرَازٌ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالْجُمُعَةِ وَأَرَادَ بِالنُّسُكِ مَا يَخْتَصُّ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ (وَقَوْلُهُ) غُسْلٌ مَشْرُوعٌ ذَكَرَ الْقَلَعِيُّ أَنَّهُ احْتِرَازٌ مِنْ الْغُسْلِ لِلدُّخُولِ عَلَى السُّلْطَانِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِمَا وَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ تَقْرِيبَ الْفَرْعِ مِنْ الْأَصْلِ دُونَ الِاحْتِرَازِ (أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَفِيهَا مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ إحْرَامُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَجِبُ هَذَا الْغُسْلُ وَإِنَّمَا هُوَ سُنَّةٌ مُتَأَكَّدَةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كَمَا سَأَذْكُرُهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَشْرَافِ أَجْمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَامَ بِغَيْرِ غُسْلٍ جَائِزٌ قَالَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لِلْإِحْرَامِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا نَسِيَ الْغُسْلَ يَغْتَسِلُ إذَا ذَكَرَهُ قَالَ أَصْحَابُنَا
وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ أَنَّهُ غُسْلٌ لِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأُمِّ أَسْتَحِبُّ الغسل عند الاحرام للرجل والصبي والمرأة الحائض والنفساء وكل من اراد الاحرام قال اكره تَرْكَ الْغُسْلِ لَهُ وَمَا تَرَكْتُ الْغُسْلَ لِلْإِحْرَامِ ولقد كنت أغتسل له مريضا له فِي السَّفَرِ وَأَنِّي أَخَافُ ضَرَرَ الْمَاءِ وَمَا صَحِبْتُ أَحَدًا أَقْتَدِي بِهِ رَأَيْتُهُ تَرَكَهُ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ عَدَا بِهِ أَنْ رَآهُ اخْتِيَارًا قَالَ وَإِذَا أَتَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ الْمِيقَاتَ وَعَلَيْهِمَا مِنْ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ طُهْرُهُمَا وَأَدْرَكَهُمَا الْحَجُّ بِلَا عِلَّةٍ أَحْبَبْتُ اسْتِئْخَارَهُمَا لِيَطْهُرَا فَيُحْرِمَا طَاهِرَتَيْنِ وَإِنْ أَهَلَّتَا غَيْرَ طَاهِرَتَيْنِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا وَلَا فِدْيَةَ قَالَ وَكُلُّ مَا عَمِلَتْهُ الْحَائِضُ عَمِلَهُ الرَّجُلُ الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ وَالِاخْتِيَارُ لَهُ أَنْ لَا يَعْمَلَهُ كُلَّهُ إلَّا طَاهِرًا قَالَ وَكُلُّ عَمَلِ الْحَجِّ تَعْمَلُهُ الْحَائِضُ وَغَيْرُ الطَّاهِرِ مِنْ الرِّجَالِ إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَرَكْعَتَيْهِ هَذَا آخِرُ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ بِحُرُوفِهِ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ عَلَى جَمِيعِ هَذَا إلَّا قَوْلًا شَاذًّا ضَعِيفًا حَكَاهُ