أَوْجُهٍ لِأَنَّهُ لَا يَشُقُّ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِمَا وَلَا يُفْطِرُ بِوَضْعِ الطَّعَامِ فِيهِمَا وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ نَجَاسَةٍ عَلَيْهِمَا قَالُوا وَلِأَنَّ اللِّسَانَ يَلْحَقُهُ حُكْمُ الْجَنَابَةِ وَلِهَذَا يَحْرُمُ بِهِ الْقِرَاءَةُ
* وَاحْتُجَّ لِمَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِنْشَاقَ دُونَ الْمَضْمَضَةِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْثُرْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَقِيطٍ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ وَبِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا توضأ فَانْتَثِرْ وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فاغسلوا وجوهكم وقوله تعالى (وان كنتم جنبا فاطهروا) وَالْوَجْهُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَا حَصَلَتْ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ الْجَنَابَةِ تُصِيبُهُ وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ حِجَجٍ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَآخَرُونَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَسَنُوَضِّحُهُ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّيَمُّمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْبَشَرَةُ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَأَمَّا بَاطِنُهُ فَأَدَمَةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ: وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم للأعرابي توضأ
كما أمرك الله وَهُوَ صَحِيحٌ سَبَقَ بَيَانُهُ وَمَوْضِعُ الدَّلَالَةِ أَنَّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ وَهُوَ مَا حَصَلَتْ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ دُونَ بَاطِنِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَحْسَنِ الْأَدِلَّةِ وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا الْأَعْرَابِيَّ صَلَّى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُحْسِنْهَا فَعَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الصَّلَاةَ الَّتِي تُفْعَلُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَتُشَاهَدُ أَعْمَالُهَا فَعَلَّمَهُ وَاجِبَاتِهَا وَوَاجِبَاتِ الْوُضُوءِ فَقَالَ صَلَّى الله عليه وسلم توضأ كما أمرك الله وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ سُنَنَ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ لِئَلَّا يَكْثُرَ عَلَيْهِ فَلَا يَضْبِطَهَا فَلَوْ كَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَاجِبَتَيْنِ لَعَلَّمَهُ إيَّاهُمَا فَإِنَّهُ