الهدى في موضعه لزمه صَوْمُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ فِي بَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِانْتِقَالِ إلَى الصَّوْمِ فِيهَا الْعَدَمُ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ بدل الدم موقت بِكَوْنِهِ فِي الْحَجِّ وَلَا تَوْقِيتَ فِي الْكَفَّارَةِ وَلِأَنَّ الْهَدْيَ يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ قال أصحابنا فان وَجَدَ الْهَدْيَ وَثَمَنَهُ لَكِنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ فَلَهُ الِانْتِقَالُ إلَى الصَّوْمِ وَلَوْ وَجَدَ الثَّمَنَ وَعُدِمَ الْهَدْيُ فِي الْحَالِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَجِدُهُ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّوْمِ هَلْ يَجُوزُ الِانْتِقَالُ إلَى الصَّوْمِ فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْبَغَوِيّ (أَصَحُّهُمَا) الْجَوَازُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَسَبَقَ مِثْلُ هَذَا الْخِلَافِ فِي التَّيَمُّمِ

* قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَوْ كَانَ يَرْجُو الهدى ولا يتيقنه جاز الصوام

* وَهَلْ يُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ الْهَدْيِ فِيهِ قَوْلَانِ كَالتَّيَمُّمِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ مُضَيَّقٌ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ بِخِلَافِ جَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إذَا غَابَ مَالُهُ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالْجِمَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

* ثُمَّ الصَّوْمُ الْوَاجِبُ يُقْسَمُ ثَلَاثَةً وَسَبْعَةً فَالثَّلَاثَةُ يَصُومُهَا فِي الْحَجِّ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا علي الاحرام بالحج ولا يجوز صوم شئ مِنْهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَوْلَانِ سَبَقَا فِي كِتَابِ الصِّيَامِ

* وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ جَمِيعِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ فِطْرُ يَوْمِ عَرَفَةَ (وَأَمَّا) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُكْرَهُ صَوْمُهُ فَخِلَافُ عِبَارَةِ الْجُمْهُورِ كَمَا سَبَقَ فِي بَابِهِ وَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ هَذَا إذَا تَقَدَّمَ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ عَلَى

الْيَوْمِ السَّادِسِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ

* قال أصحابنا يستحب للتمتع الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ السَّادِسِ

* وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَوَقَّعْ هَدْيًا وَجَبَ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ عَلَى السَّابِعِ لِيُمْكِنَهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ (وَالْمَذْهَبُ) أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ (وَأَمَّا) وَاجِدُ الْهَدْيِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ قَرِيبًا وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثلاثة ولا شئ مِنْهَا عَنْ يَوْمِ عَرَفَةَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَتَابَعَهُ الْأَصْحَابُ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى (ثلاثة في الحج)

* قال أصحابنا واذ فَاتَ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي الْحَجِّ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَأَبُو اسحق الْمَرْوَزِيُّ قَوْلًا أَنَّهُ يَسْقُطُ الصَّوْمُ وَيَسْتَقِرُّ الْهَدْيُ فِي ذِمَّتِهِ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وآخرون عن أبى اسحق وَحَكَاهُ الْمَحَامِلِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَآخَرُونَ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ وحكاه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015