هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ أَكْمَلَ أَفْعَالَ عُمْرَتِهِ فَتَحَلَّلَ كَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ (وَأَمَّا) حَدِيثُ حَفْصَةَ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا كَمَا سَبَقَ إيضَاحُهُ وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ

الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً) وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ (فَإِنْ قِيلَ) فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيُحْلِلْ وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلَا يَتَحَلَّلُ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ) فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا مُسْلِمٌ قَبْلَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبَعْدَهَا قَالَتْ (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا) فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُفَسِّرَةٌ لِلْأُولَى وَيَتَعَيَّنُ هَذَا التَّأْوِيلُ لِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ فَصَحَّتْ الرِّوَايَاتُ

* (فَرْعٌ)

إذَا تَحَلَّلَ الْمُتَمَتِّعُ مِنْ الْعُمْرَةِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إلَّا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ هَذَا إنْ كَانَ وَاجِدَ الْهَدْيِ وَإِنْ كَانَ عَادِمَهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ الْيَوْمِ السَّادِسِ لِأَنَّ فَرْضَهُ الصَّوْمُ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَوَاجِبُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٌ إذَا رَجَعَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَصُومَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَيَتَعَيَّنُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ قَبْلَهُ وَهِيَ السَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالثَّامِنُ هَذَا مَذْهَبُنَا وَثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ فِعْلِهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَآخَرُونَ مِنْهُمْ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَحْمَدُ واسحق وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَآخَرُونَ وَقَالَ مَالِكٌ وَآخَرُونَ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ ذِي الْحِجَّةِ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِدًا لِلْهَدْيِ أَمْ لَا وَحَكَاهُ ابْنُ المنذر عن عمر ابن الْخَطَّابِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ أَكْثَرِ الصحابة والعملاء وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ فَكِلَاهُمَا جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ

* دَلِيلُنَا مَا ثَبَتَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ سَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ يعني حجة الوداع وقد أهلو بِالْحَجِّ مُفْرَدًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحِلُّوا مِنْ إحْرَامِكُمْ فَطُوفُوا بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَصِّرُوا وَأَقِيمُوا حَلَالًا حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015