لَا كَرَاهَةَ فِيهِ أَفْضَلُ
* وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِتَرْجِيحِ الْقِرَانِ بِالْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ فِيهِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَتِمُّوا الحج والعمرة لله) وَمَشْهُورٌ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَبِحَدِيثِ العتبى بْنِ مَعْبَدٍ السَّابِقِ وَقَوْلِ عُمَرَ لَهُ هُدِيتَ نسنة نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِحَدِيثِ وَادِي الْعَقِيقِ (وَقُلْ لَبَّيْكَ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ) قَالُوا وَلِأَنَّ الْمُفْرِدَ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَارِنِ دَمٌ وَلَيْسَ هُوَ دَمُ جُبْرَانٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ حَرَامًا بَلْ دَمَ عِبَادَةٍ وَالْعِبَادَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْبَدَنِ وَالْمَالِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُخْتَصَّةِ بِالْبَدَنِ قَالَ الْمُزَنِيّ وَلِأَنَّ الْقَارِنَ مُسَارِعٌ إلَى الْعِبَادَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِهَا قَالُوا وَلِأَنَّ فِي الْقِرَانِ تَحْصِيلَ الْعُمْرَةِ فِي زَمَنِ الْحَجِّ وَهُوَ أَشْرَفُ (وَأَجَابَ) أَصْحَابُنَا عَنْ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْقِرَانِ بِجَوَابَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّ أَحَادِيثَ الْإِفْرَادِ أَكْثَرُ وَأَرْجَحُ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ كَمَا سَبَقَ
(وَالثَّانِي)
أَنَّ أَحَادِيثَ الْقِرَانِ مُؤَوَّلَةٌ كَمَا سَبَقَ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْوِيلِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَقَدْ سَبَقَ إيضَاحُ الْجَمْعِ وَالتَّأْوِيلِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أنه ليس فيها الا الامر باتمامها وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ قَرْنُهُمَا فِي الْفِعْلِ كما قوله تعالي (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (وَأَمَّا) مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فَمَعْنَاهُ الْإِحْرَامُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَحَّ عَنْ عُمَرَ كَرَاهَتُهُ للتمتع وأمره بالافراد (والجواب) عن حديث العتبي بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّ عُمَرَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ الْقِرَانَ سُنَّةٌ أَيْ جَائِزٌ قَدْ أَذِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ بَلْ الْمَعْرُوفُ عَنْ عُمَرَ تَرْجِيحُ الْإِفْرَادِ كَمَا سَبَقَ (وَالْجَوَابُ) عَنْ حَدِيثِ وَادِي الْعَقِيقِ مِنْ وَجْهَيْنِ سَبَقَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ ذِكْرِهِ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ الْقِرَانِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لَا فِي أَوَّلِ الْإِحْرَامِ وَقَدْ سَبَقَ إيضَاحُ هَذَا (وَالْجَوَابُ) عَنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْقَارِنَ عَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ دَمُ نُسُكٍ قَالَ أَصْحَابُنَا بَلْ هُوَ عِنْدَنَا دَمُ جُبْرَانٍ عَلَى الصَّحِيحِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصِّيَامَ يَقُومُ مَقَامَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ وَلَوْ كَانَ دَمَ نُسُكٍ لَمْ يَقُمْ مَقَامَهُ كَالْأُضْحِيَّةِ (وَأَمَّا) قَوْلُهُمْ إنَّ الْقَارِنَ لَمْ يَفْعَلْ حَرَامًا فَلَيْسَ شَرْطَ وُجُوبِ دَمِ الْجُبْرَانِ أَنْ يَكُونَ فِي ارْتِكَابِ حَرَامٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ فِي مَأْذُونٍ كَمَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ لِلْأَذَى أَوْ لَبِسَ لِلْمَرَضِ أَوْ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ أَكَلَ صَيْدًا لِمَجَاعَتِهِ أَوْ احْتَاجَ إلَى التَّدَاوِي بِطَيِّبٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ الدَّمُ وَلَمْ يَفْعَلْ حَرَامًا (وَالْجَوَابُ) عَمَّا قَالَ الْمُزَنِيّ إنَّ مِنْ الْعِبَادَاتِ مَا تَأْخِيرُهَا أَفْضَلُ لِمَعْنًى كَمَنْ عدم الماء في السفر وعلم وجوده في أَوَاخِرَ الْوَقْتِ فَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ وَكَتَأْخِيرِ
صَلَاةِ عيد الفطر وتأخير صلاة الاضحى إلَى امْتِدَادِ النَّهَارِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِأَنَّ الْإِفْرَادَ فِعْلُ كُلِّ عِبَادَةٍ وحدها وافرادها بوقت فكان أفضل من جمعها كَالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (وَأَمَّا)