النَّجَاسَةَ الْمُتَوَهَّمَةَ يُسْتَحَبُّ فِيهَا الْغَسْلُ وَلَا يَكْفِي الرَّشُّ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَيَكْفِي الرَّشُّ وَسَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ بِدَلِيلِهَا فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (السَّادِسَةُ) اسْتِحْبَابُ الِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا بِحَيْثُ لَا يَنْتَهِي إلَى الْوَسْوَسَةِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي آخِرِ بَابِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ الْمَاءِ (السَّابِعَةُ) اسْتِحْبَابُ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْكِنَايَاتِ فِيمَا يُتَحَاشَى مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَلَمْ يَقُلْ فَلَعَلَّ يَدَهُ وَقَعَتْ عَلَى دُبُرِهِ أَوْ ذَكَرِهِ وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) وقَوْله تَعَالَى (وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ) وقوله (وان طلفتموهن من قبل أن تمسوهن) وهذا كله إذا عليم أَنَّ السَّامِعَ يَفْهَمُ الْمَقْصُودَ فَهْمًا جَلِيًّا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ نَفْيًا لِلَّبْسِ وَالْوُقُوعِ فِي خِلَافِ الْمَطْلُوبِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * قال المصنف رحمه الله
* (ثم يتمضمض ويستنشق والمضمضة أَنْ يَجْعَلَ الْمَاءَ فِي فِيهِ وَيُدِيرَهُ فِيهِ ثم يمجه والاستنشاق أن يجعل الماء في أنفه ويمده بنفسه إلى خياشيمه ثم يستنثر لما روى عمرو بن عبسة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يقرب وضوءه ثم يتمضمض ثم يستنشق ويستنثر الا جرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء والمستحب أن يبالغ فيهما لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَقِيطِ بْنِ صبرة أسبغ الوضؤ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ولا يستقصى في المبالغة فيصير سعوطا فان كان صائما لم يبالغ للخبر وهل يجمع بينهما أو يفصل قال في الامام يجمع لان عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فتمضمض مع الاستنشاق بماء واحد وقال في البويطي يفصل بينهما لما روى طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفصل بين المضمضة والا ستنشاق ولان الفصل أبلغ في النظافة فكان أولى