يَبْطُلْ صَوْمُهُ فَكَذَلِكَ هَذَا فَإِنْ أَكْرَهَهُ حَتَّى خرج بنفسه فيه قَوْلَانِ كَالصَّائِمِ إذَا أُكْرِهَ حَتَّى أَكَلَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ أَخْرَجَهُ السُّلْطَانُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ قَدْ ثَبَتَ الْحَدُّ بِإِقْرَارِهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِاخْتِيَارِهِ وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
يَبْطُلُ لِأَنَّهُ اخْتَارَ سَبَبَهُ وَهُوَ الشُّرْبُ وَالسَّرِقَةُ
(وَالثَّانِي)
لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَسْرِقْ لِيَخْرُجَ وَيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ خَافَ مِنْ ظَالِمٍ فَخَرَجَ وَاسْتَتَرَ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى الْخُرُوجِ بِسَبَبٍ هو معذور فيه فلم يبطل اعتكافه}
* {الشَّرْحُ} هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَلَفْظُهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " (أَمَّا) الْأَحْكَامُ فَفِي الْفَصْلِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لِلِاعْتِكَافِ لَمْ يَبْطُلْ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيلَ فِي بُطْلَانِهِ قَوْلَانِ قَالَ (فَإِنْ قُلْنَا) لَا يَبْطُلُ فَلَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ فَوَجْهَانِ كَمَا لَوْ أَكَلَ كَثِيرًا نَاسِيًا ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ (الثَّانِيَةُ) لَوْ حُمِلَ مُكْرَهًا فَأُخْرِجَ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيلَ فِي بُطْلَانِهِ قَوْلَانِ كَالْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ فَارَقَ الْمَسْجِدَ بِعُذْرٍ وَإِنْ أُكْرِهَ حَتَّى خَرَجَ بِنَفْسِهِ فَطَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) فِيهِ قَوْلَانِ كالاكره عَلَى الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ (أَصَحُّهُمَا) لَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ
(وَالثَّانِي)
يَبْطُلُ وَالطَّرِيقُ (الثَّانِي) لَا يَبْطُلُ قولا واحد أو لو خَافَ الْمُعْتَكِفُ مِنْ ظَالِمٍ فَخَرَجَ وَاسْتَتَرَ فَفِي بُطْلَانِ اعْتِكَافِهِ قَوْلَانِ كَالْمُكْرَهِ (أَصَحُّهُمَا) لَا يَبْطُلُ وممن ذكر الْقَوْلَيْنِ فِيهِ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَأَنْكَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ كَوْنَهُ جَزَمَ فِي مَسْأَلَةِ الْخَائِفِ مِنْ
ظَالِمٍ بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَذَكَرَ فِي الْمُكْرَهِ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُمَا جَمِيعًا سَوَاءٌ وَهَذَا الْإِنْكَارُ وَإِنْ كَانَ مُتَّجِهًا (فَجَوَابُهُ) أَنَّهُ فَرْعُ مَسْأَلَةِ الظَّالِمِ عَلَى الْأَصَحِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ قال البغوي ولو خاف من شئ آخَرَ غَيْرَ الظَّالِمِ فَخَرَجَ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ وَمُرَادُهُ إذا حاف مِنْ حَيَّةٍ أَوْ حَرِيقٍ أَوْ انْهِدَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَأَمَّا) إذَا خَافَ مِمَّنْ يُطَالِبُهُ بِحَقٍّ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَهُوَ ظَالِمٌ بِالتَّغَيُّبِ عَنْهُ فَإِذَا خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ قَوْلًا وَاحِدًا