(فَرْعٌ)
قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرِيضِ الصَّبْرُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُكْرَهُ لَهُ كَثْرَةُ الشَّكْوَى فَلَوْ سَأَلَهُ طَبِيبٌ أَوْ قَرِيبٌ لَهُ أَوْ صَدِيقٌ أَوْ نَحْوُهُمْ عَنْ حَالِهِ فَأَخْبَرَهُ بِالشِّدَّةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا لَا عَلَى صُورَةِ الْجَزَعِ فَلَا بَأْسَ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيُكْرَهُ لَهُ التَّأَوُّهُ وَالْأَنِينُ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْأَنِينُ لِأَنَّ طَاوُسًا رَحِمَهُ اللَّهُ كَرِهَهُ وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي هَذَا نَهْيٌ بَلْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ قَالَ " قَالَتْ عَائِشَةُ وَارَأْسَاهْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهْ " فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَكِنَّ الِاشْتِغَالَ بِالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ اولى فلعلهم ارادوا بالمكروه هذا
*
* قال المصنف رحمه الله
* {وغسله فرض على الكفاية لقوله صلى الله عليه وسلم في الذى سقط عن بعيره اغسلوه بماء وسدر} {الشَّرْحُ} هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَغُسْلُ الْمَيِّتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمَعْنَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ وَإِنْ تَرَكُوهُ كُلُّهُمْ أَثِمُوا كُلُّهُمْ وَاعْلَمْ أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَدَفْنَهُ فُرُوضُ كِفَايَةٍ بِلَا خِلَافٍ * قال المصنف رحمه الله
*