لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ وَهُنَا مَعْذُورٌ: وَلَوْ أَرَاقَ الْمَاءَيْنِ فِي مَسْأَلَتِنَا قَبْلَ الِاجْتِهَادِ فَهُوَ كَإِرَاقَةِ الْمَاءِ الَّذِي تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُ سَفَهًا: فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا إعَادَةَ: وَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ فَلَا إعَادَةَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لَكِنَّهُ يَعْصِي قَطْعًا قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ اجْتَهَدَ فَظَنَّ طَهَارَةَ إنَاءٍ فَأَرَاقَهُ أَوْ أَرَاقَهُمَا فَهُوَ كَالْإِرَاقَةِ سَفَهًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا: فَأَمَّا
إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى قَبْلَ الْإِرَاقَةِ فَتَيَمُّمُهُ بَاطِلٌ وَتَلْزَمُهُ إعَادَةُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ وَمَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ هَكَذَا قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْبَيَانِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ هَذَيْنِ الْمَاءَيْنِ فَكَانَا كَالْعَدَمِ كَمَا لَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبُعٌ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ فَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا وَقَدْ يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الِاجْتِهَادِ وَلَهُ طَرِيقٌ إلَى إعْدَامِهِ بِخِلَافِ السَّبُعِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي الْإِرَاقَةِ (1) الْمَذْكُورَةِ فِيمَا إذَا لم يغلب على ظنه شئ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لِيَصِحَّ تَيَمُّمُهُ بِلَا إعَادَةٍ: وَالثَّانِي قَالَ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا لَا تَجِبُ الْإِرَاقَةُ لَكِنْ تُسْتَحَبُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَجَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ مَعَهُ مَاءً طَاهِرًا فَلَوْ كَانَا لَوْ خُلِطَا بَلَغَا قُلَّتَيْنِ وَجَبَ خلطهما بلا خلاف والله أعلم * قال المصنف رحمه الله
* (وان غلب على ظنه طهارة أحد هما تَوَضَّأَ بِهِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُرِيقَ الْآخَرَ حَتَّى لا يتغير اجتهاده بعد ذلك) (الشَّرْحُ) هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: وَقَوْلُهُ تَوَضَّأَ بِهِ أَيْ لَزِمَهُ الْوُضُوءُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى التَّيَمُّمِ: وَقَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُرِيقَ الْآخَرَ يَعْنِي يُسْتَحَبُّ إرَاقَتُهُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الطَّاهِرِ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِنَّهُ قَالَ تَأَخَّى وَأَرَاقَ النَّجِسَ عَلَى الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ وَتَوَضَّأَ بِالطَّاهِرِ: وَعَلَّلَ أَصْحَابُنَا اسْتِحْبَابَ الْإِرَاقَةِ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي لِئَلَّا يَغْلَطَ فَيَسْتَعْمِلَ النَّجِسَ أَوْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ ثَانِيًا: قَالَ الشافعي في الام والاصحاب فان خاف