السَّوَارِيَ فَرَكَعُوا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسَبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم " رواه الْبُخَارِيُّ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ فِي اسْتِحْبَابِهَا وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو إِسْحَاقَ الطُّوسِيُّ وَأَبُو زَكَرِيَّا السُّكَّرِيُّ حَكَاهُ عَنْهُمَا الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الِاسْتِحْبَابُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَقَبْلَ شُرُوعِ الْمُؤَذِّنِ فِي إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا شَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ فَيُكْرَهُ أن يشرع في شئ مِنْ الصَّلَوَاتِ غَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ " إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ " مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ وَآخَرُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ نَفَى مَا لَمْ يَعْلَمْهُ وَأَثْبَتَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ عَلِمَهُ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ رِوَايَةِ الَّذِينَ أَثْبَتُوا لِكَثْرَتِهِمْ وَلِمَا مَعَهُمْ مِنْ عِلْمِ مَا لَا يَعْلَمُهُ ابْنُ عُمَرَ
* (فَرْعٌ)
يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ رَكْعَتَيْنِ فَصَاعِدًا لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ يَشَاءُ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالْمُرَادُ بِالْأَذَانَيْنِ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ
* (فَرْعٌ)
فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَهَا وَقَبْلَهَا: تُسَنُّ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا صَلَاةٌ وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ قَبْلَهَا وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا وَالْأَكْمَلُ أَرْبَعٌ قَبْلَهَا وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا هَذَا مُخْتَصَرُ الْكَلَامِ فِيهَا: وَأَمَّا تَفْصِيلُهُ فَقَالَ أبو العباس ابن الْقَاصِّ فِي الْمِفْتَاحِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُنَّتُهَا أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَهَا أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا وَقَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي بَابِ (?)
صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ كَهِيَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ لَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا يُصَلَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَاَلَّذِي يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُصَلِّي بَعْدَهَا مَا يُصَلِّي بَعْدَ الظُّهْرِ إنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَرْبَعًا قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَكَذَا يُصَلِّي قَبْلَهَا مَا يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ (قُلْتُ) وَهَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ أَبُو نَصْرٍ وَأَقَرَّهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا نَصَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ غَلَطٌ بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّهُ يُصَلِّي بَعْدَهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ذَكَرَ هَذَا النَّصَّ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ مِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ مِنْ أَوَاخِرِ كُتُبِ الْأُمِّ قَبْلَ كِتَابِ سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ كَذَلِكَ رَأَيْتُهُ فِيهِ وَنَقَلَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُصَلِّي بَعْدَ الجمعة ركعتان فهذا ما حضرني