الصبح والعصر وعن عمارة بن رويبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَانْظُرْ يا ابن آدم لا يطالبنك الله من ذمته بشئ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَحَادِيثُ فِي الْبَابِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ وَيُسْتَدَلُّ أَيْضًا لِتَرْجِيحِ الصَّلَاةِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِهَا تَجْمَعُ الْعِبَادَاتِ وَتَزِيدُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِتَرْكِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ لا تسقط في حال من الاحوال مادام مُكَلَّفًا إلَّا فِي حَقِّ الْحَائِضِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ قِيلَ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَطَوُّعُهَا أَفْضَلُ التَّطَوُّعِ يُرَدُّ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَطَوُّعِ الصَّلَاةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْإِيرَادَ غَلَطٌ وَغَفْلَةٌ مِنْ مُورِدِهِ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا تَطَوُّعٌ وَكَلَامُنَا هُنَا فِي التَّطَوُّعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ فِي كِتَابِهِ الزِّيَادَاتِ الِاشْتِغَالُ بِحِفْظِ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّ حِفْظَهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ
* (فَرْعٌ)
اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ أَنَّ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ أَيَّامٍ أَوْ يَوْمٍ فَإِنَّ الصَّوْمَ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِلَا شَكٍّ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الِاسْتِكْثَارِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ أَحَدِهِمَا أو يكون غالب عَلَيْهِ مَنْسُوبًا إلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ وَيَقْتَصِرَ مِنْ الْآخَرِ عَلَى الْمُتَأَكَّدِ مِنْهُ فَهَذَا مَحِلُّ الْخِلَافِ وَالتَّفْضِيلِ وَالصَّحِيحُ تَفْضِيلُ الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * قَالَ المصنف رحمه الله
*
(وَتَطَوُّعُهَا ضَرْبَانِ ضَرْبٌ تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ (وَضَرْبٌ) لَا تُسَنُّ لَهُ فَمَا سُنَّ لَهُ الْجَمَاعَةُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَهَذَا الضَّرْبُ أَفْضَلُ مِمَّا لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْفَرَائِضَ فِي سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ وَأَوْكَدُ ذَلِكَ صَلَاةُ الْعِيدِ لِأَنَّهَا رَاتِبَةٌ بِوَقْتٍ كَالْفَرَائِضِ ثُمَّ صَلَاةُ الْكُسُوفِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَيْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لله الذى خلقهن) وَلَيْسَ هَهُنَا صَلَاةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إلَّا صَلَاةُ الْكُسُوفِ ثُمَّ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَلِهَذِهِ الصَّلَوَاتِ أَبْوَابٌ نَذْكُرُ فِيهَا أَحْكَامَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ