الْكَلَامَ عَنْ بَعْضِ الْمُصَنِّفِينَ وَيَعْنِي بِهِ صَاحِبَ الْإِبَانَةِ الْفُورَانِيَّ: قَالَ الْإِمَامُ وَفِي هَذَا فَضْلُ نَظَرٍ فَإِنَّ الْمَاءَ إذَا كَانَ يَتَرَدَّدُ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَهِيَ مُتَفَاوِتَةُ الْخِلْقَةِ وَقَعَ فِي جَرَيَانِهِ بَعْضُ التَّقَاذُفِ مِنْ عُضْوٍ إلَى عُضْوٍ لَا مَحَالَةَ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْ هَذَا كَيْفَ وَلَمْ يُرِدْ الشَّرْعُ بِالِاعْتِنَاءِ بِهَذَا أَصْلًا فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ فَهُوَ عَفْوٌ قَطْعًا: وَأَمَّا التَّقَاذُفُ الَّذِي لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا فان كان قَصْدٍ (?) فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ: وَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يُعْفَى عَنْهُ فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَانَ يَقَعُ أَمْثَالُ هَذَا مِنْ الْأَوَّلِينَ وَمَا وَقَعَ عَنْهُ بَحْثٌ مِنْ سَائِلٍ وَلَا تَنْبِيهٌ مِنْ مُرْشِدٍ: (السَّابِعَةُ) إذَا غَمَسَ الْمُتَوَضِّئُ يَدَهُ فِي إنَاءٍ فِيهِ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَمْ يَصِرْ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا سَوَاءٌ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَمْ لَا: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ فَهَذَا وَقْتُ غَسْلِ الْيَدِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَجَمَاعَاتُ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَالُوا إنْ قَصَدَ غَسْلَ الْيَدِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا وَارْتَفَعَ الْحَدَثُ عَنْ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْيَدِ وَهُوَ الَّذِي قَارَنَتْهُ النِّيَّةُ وَهَلْ يَرْتَفِعُ عَنْ بَاقِي الْيَدِ فِيهِ خِلَافٌ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْخُضَرِيِّ وَالْجَمَاعَةِ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ: وَإِنْ قَصَدَ بِوَضْعِ يَدِهِ فِي الْإِنَاءِ أَخْذَ الْمَاءِ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا وَإِنْ وَضَعَ الْيَدَ وَلَمْ يَخْطِرْ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْ الثِّنْتَيْنِ فَالْمَشْهُورُ الذى اقطع بِهِ الْإِمَامُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّ مَنْ نَوَى وَعَزَبَتْ نِيَّتُهُ ثُمَّ غَسَلَ بَقِيَّةَ الْأَعْضَاءِ بِلَا قَصْدٍ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ وَيَتَّجِهُ (?) أَنْ يُقَالَ هَيْئَةُ الِاغْتِرَافِ صَارِفَةٌ لِلْمُلَاقَاةِ إلَى هَذِهِ الْجِهَةِ بِحُكْمِ الْعَادَةِ فَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَهَذَا الِاحْتِمَال الَّذِي ذكره الغزالي قطع به البغوي