وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ نَفْلِ الطَّهَارَةِ كَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَغُسْلِ
الْجُمُعَةِ وَسَائِرِ الْأَغْسَالِ الْمَسْنُونَةِ وَمَاءِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ لَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَفْلٍ: وَأَمَّا الْجُنُبُ إذَا اغْتَسَلَ بِمَاءٍ قَلِيلٍ فَالْمَرَّةُ الْأُولَى مُسْتَعْمَلَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْوَجْهَانِ لِأَنَّهُمَا نَفْلٌ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَيْسَتْ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مُسْتَعْمَلَتَيْنِ قَطْعًا لِأَنَّ تَكْرَارَ الثَّلَاثَةِ مَأْثُورٌ فِي الْوُضُوءِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ دُونَ الْغُسْلِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ضَعِيفٌ وَشَاذٌّ بَلْ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ اسْتِحْبَابُ الثَّلَاثِ فِي الْغُسْلِ وَسَنُوَضِّحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِهِ وَنُبَيِّنُ خَلَائِقَ مِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ: وَأَمَّا تَجْدِيدُ الْغُسْلِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَفِي وَجْهٍ يُسْتَحَبُّ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا الْوَجْهَانِ وَعَلَى الصَّحِيحِ لَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ قَطْعًا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَأَمَّا الْمَاءُ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ الصَّبِيُّ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ لِأَنَّهُ رَفَعَ حَدَثًا وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَجْهًا آخر انه غير مستعمل لانه لم يؤدبه فَرْضًا وَلِهَذَا الْفَصْلِ فُرُوعٌ سَأَذْكُرُهَا فِي آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * قال المصنف رحمه الله
* (وَأَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِي النَّجِسِ فَيُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْمَحَلِّ مُتَغَيِّرًا فَهُوَ نَجِسٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَاءُ طَهُورٌ لَا ينجسه شئ إلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ وَإِنْ كان غير متغير فثلاثة أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي العباس وأبي اسحق لِأَنَّهُ مَاءٌ لَا يُمْكِنُ حِفْظُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ فَلَمْ يَنْجَسْ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ كَالْمَاءِ الْكَثِيرِ إذا وقع فيه نجاسة: والثاني انه نجس وهو قول الانماطى لانه ماء قليل لا قي نَجَاسَةً فَأَشْبَهَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ: وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إنْ انْفَصَلَ وَالْمَحَلُّ طَاهِرٌ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ انْفَصَلَ وَالْمَحَلُّ نَجِسٌ فَهُوَ نَجِسٌ وَهُوَ قول ابن الْقَاصِّ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَ مِنْ جُمْلَةِ الْبَاقِي فِي الْمَحَلِّ فَكَانَ حُكْمُهُ فِي النَّجَاسَةِ وَالطَّهَارَةِ حُكْمَهُ: فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ طَاهِرٌ فَهَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ به فيه وجهان قال ابن خير ان يَجُوزُ وَقَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ وَقَدْ مضي توجيههما)
* (الشَّرْحُ) أَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فَسَبَقَ فِي أَوَّلِ بَابِ مَا يُفْسِدُ الْمَاءَ مِنْ النَّجَاسَاتِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَلَكِنْ يُحْتَجُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِنَجَاسَةٍ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا سَبَقَ هُنَاكَ: وَأَمَّا أَبُو الْعَبَّاسِ فَهُوَ ابْنُ سُرَيْجٍ الْإِمَامُ الْمَشْهُورُ وَهَذَا أَوَّلُ مَوْضِعٍ جَاءَ ذِكْرُهُ فِيهِ فِي الْمُهَذَّبِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي فُصُولِ مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ أَنَّهُ مَتَى أَطْلَقَ فِي الْمُهَذَّبِ أَبَا الْعَبَّاسِ فَهُوَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سُرَيْجٍ الْإِمَامُ
الْبَارِعُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الطَّبَقَاتِ كَانَ الْقَاضِي أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ مِنْ عُظَمَاءِ الشَّافِعِيِّينَ وَأَئِمَّةِ