يعتقه عن كفارة: وأما قولهم لو لم تجز الطهارة به لا متنعت إلَخْ فَجَوَابُهُ إنَّا لَا نَحْكُمُ بِالِاسْتِعْمَالِ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ بِلَا خِلَافٍ فَلَا يُؤَدِّي إلَى مَفْسَدَةٍ وَلَا حَرَجَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وله الحمد والنعمة: * قال المصنف رحمه الله
* (وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ فَهَلْ تَجُوزُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِهِ أَمْ لَا فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَنْمَاطِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا يَجُوزُ لِأَنَّ لِلْمَاءِ حُكْمَيْنِ رَفْعَ الْحَدَثِ وَإِزَالَةَ النَّجَسِ
فَإِذَا رُفِعَ الْحَدَثُ بَقِيَ إزَالَةُ النَّجَسِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَاءٌ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فلم يزل النجس كالماء النجس)
* (الشَّرْحُ) هَذَانِ الْوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَاتَّفَقُوا عَلَى تَصْحِيحِ عَدَمِ الْجَوَازِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا أَصْحَابُ الْوُجُوهِ: وَأَمَّا قَوْلُ الْأَنْمَاطِيِّ لِلْمَاءِ حُكْمَانِ فَلَا يَسْلَمُ أَنَّ لَهُ حُكْمَيْنِ على جهة الجمع بل على البدل: وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَصْلُحُ لِهَذَا وَلِهَذَا فَأَيُّهُمَا فَعَلَ لَمْ يَصْلُحْ بَعْدَهُ لِلْآخَرِ قَالَ الْأَصْحَابُ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ يَصْلُحُ لِرَفْعِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَلِلْجَنَابَةِ فَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي أَحَدِهِمَا لَمْ يَصْلُحْ لِلْآخَرِ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ الْأَنْمَاطِيِّ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
الْأَنْمَاطِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشَّارٍ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَانَ إمَامًا عَظِيمًا جَلِيلَ الْمَرْتَبَةِ أَخَذَ الْفِقْهَ عَنْ الْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكَانَ هُوَ السَّبَبَ فِي نَشْرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ بِبَغْدَادَ وَكَتَبَ كُتُبَهُ وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَهُوَ أَحَدُ أَجْدَادِنَا فِي سَلْسَلَةِ التَّفَقُّهِ تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ
* وَأَمَّا ابْنُ خَيْرَانَ فَهُوَ أبو علي الحسن بن الْإِمَامُ (?) الْجَلِيلُ الزَّاهِدُ الْوَرِعُ طَلَبُوهُ لِلْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ فَحَبَسُوهُ مُدَّةً وَصَبَرَ عَلَى امْتِنَاعِهِ ثُمَّ أَطْلَقُوهُ وَعَتَبَ عَلَى ابْنِ سُرَيْجٍ لِكَوْنِهِ تَوَلَّى الْقَضَاءَ وَقَالَ هَذَا الْأَمْرُ لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا كَانَ بَلِيَّةً فِي أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ سَنَةَ عِشْرِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ وَرُبَّمَا اشْتَبَهَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ هَذَا بِأَبِي الْحَسَنِ بْنِ خَيْرَانَ الْبَغْدَادِيِّ صَاحِبِ الْكِتَابِ الْمُسَمَّى بِاللَّطِيفِ وَهُوَ كِتَابٌ حَسَنٌ رَأَيْتُهُ فِي مُجَلَّدَتَيْنِ لطيفتين وهو متأخر عن أبي علي ابن خيران والله أعلم * قال المصنف رحمه الله
* (فان جمع المستعمل حتى صار قلتين فوجهان احدهما يَزُولُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا يَزُولُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ أَوْ اغْتَسَلَ وَهُوَ قُلَّتَانِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ فَإِذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ وَجَبَ أَنْ يَزُولَ عَنْهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ
* وَالثَّانِي لَا يَزُولُ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لكونه مستعملا وهذا لا يزول بالكثرة)
*