أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَعُودُ إلَى الرَّفْعِ فِي ابْتِدَاءِ اسْتِفْتَاحِهِ وَلَا فِي أَوَائِلِ بَاقِي رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ وَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ (الْجَوَابُ الثَّالِثُ) أَنَّ أَحَادِيثَ الرَّفْعِ أَوْلَى لِأَنَّهَا إثْبَاتٌ وَهَذَا نَفْيٌ فَيُقَدَّمُ الْإِثْبَاتُ لِزِيَادَةِ الْعِلْمِ (الرَّابِعُ) أَنَّ أَحَادِيثَ الرَّفْعِ أَكْثَرُ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهَا (وَأَمَّا) حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَوَابُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ فَأَمَّا الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ فَظَاهِرَةٌ وَأَمَّا تَضْعِيفُهُ فَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ تَضْعِيفَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَتَابَعَهُمَا الْبُخَارِيُّ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَضَعَّفَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الدا قطني وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عثه فَجَوَابُهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَيْضًا (أَحَدُهَا) تَضْعِيفُهُ مِمَّنْ ضَعَّفَهُ الْبُخَارِيُّ ثُمَّ رَوَى الْبُخَارِيُّ تَضْعِيفَهُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ قَالَ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ الْوَاهِي وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفْعُ الْيَدِ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَالْقِيَامِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَمَا سَبَقَ فَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ خِلَافَ مَا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يفعله " قال البيهقى قال الزعفراني قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا يَثْبُتُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مسعود يعنى ما روى عنهما أنها كَانَا لَا يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا فِي غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا عَنْهُمَا لا شبه أَنْ يَكُونَ رَآهُمَا الرَّاوِي مَرَّةً أَغْفَلَا ذَلِكَ قَالَ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ ذَهَبَ عَنْهُمَا حِفْظُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَفِظَهُ ابْنُ عُمَرَ لَكَانَتْ لَهُ الْحُجَّةُ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فَاحْتِجَاجُهُمْ بِهِ مِنْ أَعْجَبِ الْأَشْيَاءِ وَأَقْبَحِ أَنْوَاعِ الْجَهَالَةِ
بِالسُّنَّةِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَرِدْ فِي رَفْعِ الْأَيْدِي في الركوع والرفع منه لكنهم كَانُوا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ فِي حَالَةِ السَّلَامِ مِنْ الصلاة ويشيرون بها الي الجانبين ويريدون بِذَلِكَ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَنْ الْجَانِبَيْنِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَمَنْ لَهُ أَدْنَى اخْتِلَاطٍ بِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَيُبَيِّنُهُ أَنَّ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ رَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِينَ (أَحَدِهِمَا) الطَّرِيقُ السَّابِقُ وَالثَّانِي عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ " كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورحمة الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى الْجَانِبَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ إنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ " هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ مُسْلِمٍ مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ وَغَيْرِهِمْ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ