عبارته ولم يرد تصريح بالاسرار بها علي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا رِوَايَتَانِ (إحْدَاهُمَا) عَنْ ابْنِ مُغَفَّلٍ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ (وَالثَّانِيَةُ) عَنْ أَنَسٍ وَهِيَ مُعَلَّلَةٌ بِمَا أَوْجَبَ سُقُوطَ الاحتجاج بها كما سنوضح إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَمِنْهُمْ) مَنْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ " قَسَمْتُ الصَّلَاةَ " السَّابِقِ وَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى الْإِسْرَارِ (وَمِنْهُمْ) مَنْ يَسْتَدِلُّ بِحَدِيثٍ عَنْ عَائِشَةَ وَحَدِيثٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَاعْتِمَادُهُمْ عَلَى حديثى أنس وابن مغفل لم يَدَعْ أَبُو الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ التَّحْقِيقُ غَيْرَهُمَا فَقَالَ لَنَا حَدِيثَانِ فَذَكَرَهُمَا وَسَنُوَضِّحُ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِمَا وَأَمَّا أَحَادِيثُ الْجَهْرِ فَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ بِمَا يَشْهَدُ لَهُ بِالصِّحَّةِ (مِنْهَا)
وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَمُرَةَ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَوَرَدَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (الْأَوَّلُ) مَا هُوَ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ مُتَّفَقٍ عَلَى صِحَّتِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " قَالَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ " وَفِي رِوَايَةٍ " بِقِرَاءَةٍ " وَفِي أُخْرَى " لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ " فَمَا أَعْلَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَنَّاهُ لَكُمْ وَمَا أَخْفَاهُ أَخْفَيْنَاهُ لَكُمْ " وَفِي رِوَايَةٍ " فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْمَعْنَاكُمْ وَمَا أَخْفَى مِنَّا أَخْفَيْنَاهُ مِنْكُمْ " كُلُّ هذه الالفاظ في الصحيح بعضها وفى الصَّحِيحَيْنِ وَبَعْضُهَا فِي أَحَدِهِمَا وَمَعْنَاهُ يَجْهَرُ بِمَا جَهَرَ بِهِ وَيُسِرُّ بِمَا أَسَرَّ بِهِ ثُمَّ قَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ فِي صَلَاتِهِ بِالْبَسْمَلَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ الْجَهْرَ بِهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ الْبَغْدَادِيُّ الْجَهْرُ بِالتَّسْمِيَةِ مَذْهَبٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ حفظ عنه واشتهر به رواه عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ (الْوَجْهُ الثَّانِي) حَدِيثُ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ قَالَ " صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ حَتَّى إذَا بَلَغَ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ آمِينَ وَقَالَ النَّاسُ آمِينَ وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَإِذَا قَامَ مِنْ الْجُلُوسِ مِنْ الِاثْنَيْنِ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَقُولُ إذَا سَلَّمَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صلاة برسول الله صلي الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فَأَمَّا الْجَهْرُ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ صَحَّ وَثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ مُتَّصِلٍ لَا شَكَّ وَلَا ارْتِيَابَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَخْبَارِ فِي صِحَّةِ سَنَدِهِ وَاتِّصَالِهِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ فَقَدْ بَانَ وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ