فَهُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ: ثُمَّ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نحن فيها أن يكون الماء الطاهر وارادا عَلَى الْمَاءِ النَّجِسِ: وَأَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا وَأَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ النَّجِسِ: فَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَمْ يَطْهُرْ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أبو علي السنجي وامام الحرمين والبغوى وَآخَرُونَ: وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (وَيَطْهُرُ بالمكاثرة) ونبه عليه أيضا بقوله في الفصل الذي بعده: (لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لِلْمَاءِ الَّذِي غَمَرَهُ) وَذَكَرَ الْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ ثُمَّ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ: وَبِهِ أَجَابَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْوَارِدِ سَبْعَةَ أَضْعَافِ النَّجِسِ وَهَذَا شَاذٌّ وَغَلَطٌ نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ: وَيُظَنَّ غَفْلَتُنَا عَنْهُ: وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ وَجْهٍ لَنَا شَاذٍّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ النَّجَاسَةُ سَبْعَةَ أَمْثَالِهَا: وَسَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَنُوَضِّحُ ضَعْفَهُ وَبُطْلَانَهُ: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي التَّعْلِيقِ فَإِنْ قِيلَ حَيْثُ حَكَمْتُمْ بِطَهَارَةِ هَذَا الْمَاءِ يَنْبَغِي أَنْ تَقُولُوا إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ كَاثَرَهُ بِهِ أَنْ يَطْهُرَ الْمَاءُ وَالْإِنَاءُ: يَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ: قُلْنَا مِنْ أَصْحَابِنَا (?) مَنْ قَالَ يَطْهُرُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَطْهُرُ حَتَّى يَبْلُغَ قُلَّتَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا (فَرْعٌ)
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا كُوثِرَ الْمَاءُ فَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ طَهُرَ بِلَا خِلَافٍ وَذَكَرْنَا أَنَّهُ سَوَاءٌ كُوثِرَ بِمَاءٍ طَاهِرٍ أو نجس كثيرا وقليل وَلَوْ كُوثِرَ الْمَاءُ النَّجِسُ بِبَوْلٍ أَوْ مَاءِ وَرْدٍ أَوْ عَرَقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ليس بماء فبلغ به قلتين ولا تيغر فِيهِ فَالْجَمِيعُ نَجِسٌ بِلَا خِلَافٍ: وَطَرِيقُهُ فِي طَهَارَتِهِ بَعْدَ هَذَا أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ آخَرُ حَتَّى يَبْلُغَ بِهِ قُلَّتَيْنِ طَاهِرًا كَانَ الْمُضَافُ أَوْ نَجِسًا: وَلَوْ كُوثِرَ النَّجِسُ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فَوَجْهَانِ
حَكَاهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبَاهُ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَحَدُهُمَا يَكُونُ الْجَمِيعُ نَجِسًا لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ كَالْمَائِعِ فَصَارَ كَالْعَرَقِ وَأَصَحُّهُمَا يَصِيرُ الْجَمِيعُ مُطَهِّرًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا وَهَذَا كُلُّهُ مَاءٌ وَقَدْ بَلَغَ قُلَّتَيْنِ وَبَنَى الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ هَلْ يَعُودُ طَهُورًا إنْ قُلْنَا نَعَمْ فَهَذَا طَهُورٌ وَإِلَّا فَنَجِسٌ: وَلَوْ كُوثِرَ مَاءٌ مُتَغَيِّرٌ بِزَعْفَرَانٍ وَنَحْوِهِ فَزَالَ تَغَيُّرُهُ الَّذِي كَانَ بِالزَّعْفَرَانِ فَهُوَ طَهُورٌ فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ نَجَاسَةٌ لَمْ تُنَجِّسْهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الْمَاءِ الطَّاهِرِ قُلَّتَانِ إلَّا كُوزًا فَصَبَّ عَلَيْهِ كُوزَ مَاءٍ متغير