الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ قَصْرُهَا كَمَا لَوْ سَافَرَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِعْلِهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَرْكِهَا فَإِذَا فَعَلَهَا فِيهِ كَانَتْ نفلا

* واحتج اصحابنا بقول اللَّهِ تَعَالَى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غسق الليل) وَالدُّلُوكُ الزَّوَالُ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَهَذَا أَمْرٌ وَهُوَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ: وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَيْفَ أَنْتَ إذَا بَقِيَتْ فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا قَالَ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِك فَإِنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَمَعْنَاهُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا فَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أُولَئِكَ الْأُمَرَاءِ وَهُوَ التَّأَخُّرُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَا عَنْ الْوَقْتِ كُلِّهِ وَمَعْنَى صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا أَيْ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ لَا لِغَيْرِهَا تَجِبُ فِي الْبَدَنِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْمَالِ تَجُوزُ فِي عُمُومِ الْأَوْقَاتِ فَكَانَ كُلُّ وَقْتٍ لِجَوَازِهَا وَقْتًا لِوُجُوبِهَا كَالصَّوْمِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ احْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا مَقْصُودَةٌ لَا لِغَيْرِهَا عَنْ الْوُضُوءِ وَبِقَوْلِنَا تَجِبُ فِي الْبَدَنِ عَنْ الزَّكَاةِ وَبِقَوْلِنَا لَا تتعلق بِالْمَالِ عَنْ الْحَجِّ وَبِقَوْلِنَا فِي عُمُومِ الْأَوْقَاتِ عَنْ

صَلَاةِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ تَبَعًا وَإِنْ كَانَتْ الْآنَ غَيْرَ وَاجِبَةٍ لَكِنَّهَا لَا تَجُوزُ فِي هَذَا الْوَقْتِ فِي عُمُومِ الْأَوْقَاتِ وَإِنَّمَا تَجُوزُ فِي سَفَرٍ أَوْ مَطَرٍ أَوْ فِي نُسُكِ الْحَجِّ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ لَوْ وَجَبَتْ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهَا كَصَوْمِ رَمَضَانَ أَنَّ الْوَاجِبَ ضربان موسع ومضيق فالموسع تبع فِيهِ التَّوَسُّعَ وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَنِ الْمَحْدُودِ لِلتَّوَسُّعِ وَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ الصَّلَاةُ وَأَمَّا الْمُضَيَّقُ فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ وَمِنْ هَذَا صَوْمُ رَمَضَانَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَالْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى حَوْلِ الزَّكَاةِ أَنَّ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ جُوِّزَ رُخْصَةً لِلْحَاجَةِ وَإِلَّا فقياس العبادات ان لا تُقَدَّمَ وَجَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ بِالِاتِّفَاقِ وَاتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ فِي الْوَقْتِ لَكِنْ قُلْنَا نَحْنُ تَجِبُ بِأَوَّلِهِ وَهُمْ بِآخِرِهِ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُهَا بِهَا وَالْجَوَابُ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمُسَافِرِ أن لنا فيها خلافا ففى وجه قاله الْمُزَنِيّ وَابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَجُوزُ الْقَصْرُ وَعَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ وَقَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا يَجُوزُ الْقَصْرُ فَعَلَى هَذَا إنَّمَا جَازَ الْقَصْرُ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِلصَّلَاةِ وَالِاعْتِبَارُ فِي صِفَتِهَا بِحَالِ فِعْلِهَا لَا بِحَالِ وُجُوبِهَا وَلِهَذَا لَوْ فَاتَهُ صَلَاةٌ فِي حَالِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْمَاءِ ثُمَّ عجز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015