ولا أرى أبقاك الله ما دامت السماوات والأرض، فقال محمد بن عمر: بعد عمر طويل إن شاء الله.
فقال لي إسحاق: ويلك، جزعت على أذنك وغمّك [1] قطعها لئلا يفوتك استماع مثل هذا الكلام، ويلك لو أنّ لك مكّوك [2] آذان، إيش كان ينفعك مع هؤلاء.
وقد أختلف في سبب قطع المتوكل أذن أبي عبد الله بن حمدون، فقيل في ذلك قولان؛ أحدهما [أن] أبا عبد الله كان شديد الاختصاص بأبي الفتح ابن خاقان [3] والكثرة عنده، والمنادمة له، والعيش برفده وبرّه، حتى إنه حدّث قال: كنت يوما عند الفتح بن خاقان، حتى خرج إليه خادم من خدم حرمه، ومعه رقعة فنظر فيها، وحذف بها إليّ، فاذا فيها: [مجزوء الرمل]
سيدي جد لي بريق ... من ثناياك العذاب
فلما قرأتها رددتها إليه، فضمّنها بيتا وردّها إليّ، فاذا هو قد كتب:
[مجزوء الرمل]
بأبي أنت وأمّي ... أنا في إثر الجواب
ثم دفعها إلى الخادم ونهض، فقمت لقيامه، فأمرني بالجلوس،