والهبير [1] ، ومضرّط البخت أصعبها، وعلّك تقول أيها القارىء المتصفح أن الذي شرحته مشهور متعالم، ومعروف متدارك [2] ، وإنما يذكر الغريب الشارد، ما الأمر كما ذهب إليه وهمك، وزاغ فيه ظنك، فلو تزك الناس أعراضهم من النظم والنثر، والجد والهزل، اعتمادا على السابقين الأولين، لماتت الخواطر، وسقطت الهمم، ولكن لكل جديد لذة [98 و] ولكل حديث بهجة، كما أنّ كل قديم يسأم، وكل [حديث] ينشم [3] ، فأنت إذا تأملت شعر امرىء القيس، وجدنه قد سبق إلى كل معنى نادر، وذهب بكل فضل باهر، ولم يترك لذي نيقة [4] مجالا يشق فيه غباره، ومقالا يبلغ فيه شأوه، ولا ترى اليوم أكسد من ديوان شعر بالعراق، وقد صارت الرغبة كلها في ديوان أبي نواس [5] والصنوبري وكشاجم والمتنبي، وأشباههم من شعراء الوقت.
ثم اعلم أن أكثر من تراه قد حجّ، ولا تجده إذا اختبرته يعرف صدرا من ورد، ولا يفرّق بين غور ونجد، وأنا سألت شيخا بماه الكوفة [6] ، له ظاهر يغرّ وباطن يعرّ [7] ، وقد جاء عائدا من الحجّ: كيف خلّفت بيت الله الحرام؟
قال: كسائر البيوت، ولكن كل شيء يحتاج إلى بخت. فهل هذا وأشباهه إلا صور ممثّلة وأشباح مهملة، وبهائم مرسلة، وإذا سألت هذا: فيم خرج، وأين