وضعف في سنة اثنتين وعشرين فطالت علّته فأفضت إلى رمد فقد منه بصره جملة، وكان يترجى البرء فلم يتّفق ذلك إلى أن مات في العشرين من شعبان سنة ثلاث وعشرين وثماني مائة، عوّضه الله تعالى الجنة.
ابن محمد بن عبد الرحيم الجَرَهي - بفتح الجيم والراء - الشيرازي ثم المكي، ويسمّي أحمد، ويلقّب شهاب الدين.
شاب فاضل قدم القاهرة من مكة في طلب الحديث، فسمع الكثير، ولازمني مدّة طويلة، وقرأ عليّ كثيراً، وطاف على الشيوخ، واشتغل في عدّة علوم، ومهر وفضل، وعلّق أشياء حسنة، فجمع مجاميع ثم توجّه إلى بلاده لزيارة والديه.
ومات سنة أربعين وثماني مائة. ومن نظمه:
يا من علا بالعُلى عن وَصْف وصَّاف وفاقَ جُلَّ الورَي في كلِّ أوصافِ
وصحّ عنه حديث الجود نَنْقُله عن كفه البحر أو عن سحب أسلاف
تواتُراً بلغ الآفاقَ واشتهرا عَزَّ الغَرِيبُ لدَى إفْضاله الوافي
خَفَضْتَ مَنْصوبَ راياتِ العِداة كما رفعتَ حالةِ سؤال بإسعاف
قصدتُ حَضْرَتَك العلياء مِن وطني هجرتُ صحبةَ إخوانـ، ، ، ي وإلاَف
حِرصاً على العِلْم والتحصِيل مُجْتَهداً لَعَلَّني أَغْتَرف من بحرِكً الصافي
وما أريدُ سوي وَجْهِ الكَريم به عَسَاهُ يَجْبُرُ تقصيري وإسرافي
هذا وسُؤلي مِنْ فَيْضِ فَضْلِك أن تخُصَّني بين طلاَّبٍ وَطَواف
يا مَلْجَأً لَذَوِي الآمال قاطِبَةً انظر لمُغْتَرِبٍ للعلم طواف
وَاجْبُرُه ثم أَعِنْه في تَطَلُّبِهِ فأنتَ مَعْدَنُ ألْطافٍ وإعطاف