بالله إنه هو السميع البصير) [غافر: 56] لأن أفعال هؤلاء معاينة ترى بالأبصار وأما نزغ الشيطان فوساوس وخطرات يلقيها في القلب يتعلق بها العلم فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يرى بالبصر ويدرك بالرؤية. كما جرت عادة القرآن بتهديد المخاطبين وتحذيرهم بما يذكره من صفاته

التي تقتضي الحذر والاستقامة كقوله: (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم) [البقرة: 209] وقوله: (من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعاً بصيراً) [النساء: 134]

والقرآن مملوء من هذا وعلى هذا فيكون في معنى ذلك أني أسمع ما يردون به عليك وما يقابلون به رسالاتي، وأبصر ما يفعلون، ولا ريب أن المخاطبين بالرسالة بالنسبة إلى الإجابة والطاعة نوعان: أحدهما قابلوها بقولهم: صدقت، ثم عملوا بموجبها، والثاني قابلوها بالتكذيب ثم عملوا بخلافها، فكانت مرتبة المسموع منهم قبل مرتبة البصر فقدم ما يتعلق به على ما يتعلق بالمبصر

اقتران الواسع بالعليم:

قال تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) [البقرة: 261]

وقد ختم الآية باسمين من أسمائه الحسنى مطابقين لسياقها وهما الواسع والعليم فلا يستبعد العبد هذه المضاعفة ولا يضيق عنها عطنه (?) فإن المضاعف واسع العطاء واسع الغنى واسع الفضل ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضي حصولها لكل منفق فإنه عليم بمن تصلح له هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015