= يدل على أنهم لم يقصدوا تأويل الصفة وإنما فسروا الآية بما ظهر من معناها يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

" ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال " يوم يكشف عن ساق " نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر ومثل هذا ليس بتأويل، وإنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف "

وبهذا يتبين لنا أنه لا حجة لنفاة الصفات من أهل التأويل فيما زعموه من أن السلف تأولوا بعض نصوص الصفات.

وقد ظهر مما سبق أن تفسيرات السلف لهذه النصوص موافقة لظواهرها اللائقة بالله تعالى وأن تفسيراتهم هذه قد دلت عليها القرائن الصحيحة المتصلة بالنص أو المنفصلة عنه.

وقد عرفنا فيما مضى أن كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم " إذا كان مجملاً وظاهراً وقد فسر معناه وبينه كلام آخر متصل به أو منفصل عنه فتفسيره بهذا الكلام الآخر ليس فيه خروج عن كلام الله ورسوله ولا عيب في ذلك ولا نقص "

وليس هو من التأويل المذموم الذي هو مدار النزاع بين أهل السنة ومخالفيهم من أهل التأويل فإن أهل التأويل المذموم يجعلون ظواهر كثير من الألفاظ الشرعية دالة على ما ليست بمدلولة له من الكفر والإلحاد ثم يريدون صرفها عنه فوقعوا في محذورين:

أحدهما: ظنهم الباطل في ظواهر النصوص الشرعية.

والثاني: تحريفهم لمعاني النصوص الحقيقية.

والمقصود أن التأويل ليس كله باطلاً بل منه ما هو باطل ومنه ما هو حق وهو ما توافرت فيه شروط التأويل الصحيح سواء سمى تأويلاً أو تفسيراً أو غير ذلك ومن أمثلته:

قوله تعالى: {الذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [النعام: 82] . = = = = = =

فالتأويل الصحيح للظلم هنا هو الشرك كما يدل عليه قوله تعالى حكاية عن لقمان: {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان:13] وكما في الصحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما نزلت: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال الصحابة: " يعنى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأينا لم يظلم؟ فنزلت: {إن الشرك لظلم عظيم}

ومن هنا نعلم أن النصوص الشرعية يجوز تأويلها وذلك بتخصيص عمومها وتقييد مطلقها وبيان مجملها إذا توافرت في النص شروط التأويل الصحيح واعتمد على أدلة سليمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015