= وقوله: " إن تقرب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً " اختلف العلماء في معنى هذه الجملة وما بعدها:
فقيل إن هذا على حقيقته وأن الإنسان إذا تقرب إلى الله شبراً تقرب إليه ذراعاً وعلى هذا فيكون هذا القول في العبادات التي تحتاج إلي مشى كالسعي إلى المساجد والسعي إلى الحج وما أشبه ذلك ويخرج العبادات التي لا يكون فيها مشى ولكنها كالتي تحتاج إلى مشى أي أن الله يعطي العامل أكثر مما عمل.
وقيل إن هذا على سبيل المثال وأن الإنسان إذا تقرب إلى الله بقلبه تقرب الله إليه على كيفية لا نعلمها، نحن بأنفسنا نعلم كيف نتقرب إلى الله لكن تقرب الله إلينا لا نعلمه فالمعنى أن الإنسان إذا تقرب إلى الله بقلبه فإن الله تعالى يتقرب إليه على كيفية لا تعلم وذلك أن الإنسان يشعر بتقربه إلى الله بالقلب أحياناً يكون قلبه ذاكراً لله عز وجل فيشعر أنه قريب من الله عز وجل وأحياناً يكون غافلاً فالمعنى إذا تقرب الإنسان إلى ربه بالقلب ومن المعلوم ان العبادات تكون سبباً لتقرب القلب إلى الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " ولهذا وأنت ساجد بأنك قريب من الله وأن الله في السماء فيكون على هذا القول يكون هذا من باب ضرب المثل وليس على الحقيقة وهذا القول أحسن من الأول لأنه يشمل بدلالة المطابقة جميع العبادات والأول يختص بالعبادات ذات السعي والمشي وكذلك أيضاً قوله: " من تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً " أما قوله " وإن أتاني يمشى أتيه هرولة " فهذا أيضاً اختلف فيه العلماء هل هو على حقيقته أم لا؟ فقيل إنه على حقيقته ونحن إذا مشينا نعرف كيف نمشى أما الله عز وجل فإننا لا نعرف كيفية مشيه ولا مانع من أن الله يمشي يقابل المتجه إليه فيقابله إذا أتاه يمشي يقابله بهرولة ويقال ان الذي يأتي سيأتي على صفة ما ولابد فإذا كان الله يأتي حقيقة فإنه لابد أن يأتي على صفة ما هرولة أو غير هرولة فإذا قال عن نفسه أتيته هرولة قلنا ما الذي يمنع أن يكون إتيانه هرولة إذا كنا نؤمن بأنه يأتي حقيقة ونحن نؤمن بأنه يأتي حقيقة فإذا كان يأتي حقيقة لابد أن يكون إتيانه على صفة من الصفات فإذا أخبرنا بأنه يأتي هرولة قلنا آمنا بالله لكن كيف هذه الهرولة؟ لا يجوز أن نكيفها ولا يجوز أن نتصورها هي فوق ما يتصور وفوق ما يتكلم به ولكن هذا القول يخص هذا الحكم بالعبادات التي يأتي إليها الإنسان مشياً
وتبقى العبادات الأخرى التي يفعلها الإنسان وهو قائم في مكانه تبقى غير مذكورة في هذا الحديث لكنها بمعناها.
يقول هذا من باب التمثيل أي من أسرع إلى رضاي وإلى عبادتي أسرعت إلى ثوابه سرعة أكثر من سرعة عمله وهذا القول يشمل جميع العبادات لأن الإنسان يسرع إلى العبادة إسراعاً بالبدن وأحياناً يسرع بالقلب فقط وهو ثابت في مكانه فالمهم أن لعلماء السلف في هذه المسالة قولين هل نبقيها على ظاهرها وإن كان سيخرج عنا بعض =