فيه اختلافاً كثيراً} [النساء: 82] فإن لم يتبين لك فعليك بطريق الراسخين في العلم الذين يقولون: {آمنا به كل من عند ربنا} [أل عمران: 7] وكل الأمر إلى منزله الذي يعلمه واعلم أن القصور في علمك أو في فهمك وأن القرآن لا تناقض فيه.
وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام في قوله فيما سبق: " كما جمع الله بينهما " وكذلك ابن القيم كما في مختصر الصواعق لابن الموصلي ص (410) ط الإمام في سياق كلامه على المثال التاسع مما قيل إنه مجاز قال: " وقد أخبر الله أنه مع خلقه مع كونه مستوياً على عرشه وقرنبين الأمرين كما قال تعالى - وذكر آية سورة الحديد - ثم قال: " فأخبر أنه خلق السموات والأرض وأنه استوى على عرشه وأنه مع خلقه يبصر أعمالهم من فوق عرشه كما في حديث الأوعال: " والله فوق العرش يرى ما أنتم عليه " فعلوه لا يناقض معيته ومعيته لا تبطل علوه بل كلاهما حق" ا. هـ
الوجه الثاني: أن حقيقة معنى المعية لا يناقض العلو فالاجتماع بينهما ممكن في حق المخلوق فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا ولا يعد ذلك تناقضاً ولا يفهم منه أحد أن القمر نزل في الأرض فإذا كان هذا ممكناً في حق المخلوق ففي حق الخالق المحيط بكل شيء مع علوه سبحانه من باب أولى وذلك لأن حقيقة المعية لا تستلزم الاجتماع في المكان.
وإلى هذا الوجه أشار شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية ص (103) المجلد الخامس من مجموع الفتاوى لابن قاسم حيث قال: " وذلك أن كلمة (مع) في اللغة إذا أطلقت فليس ظاهرها في اللغة إلا المقارنة المطلقة من غير وجوب مماسة أو محاذاة عن يمين أو شمال فإذا قيدت بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى فإنه يقال: ما زلنا نسير والقمر معنا أو والنجم معنا ويقال: هذا المتاع معي لمجامعته لك وإن كان فوق رأسك فالله مع خلقه حقيقة وهو فوق عرشه حقيقة " ا. هـ
وصدق رحمه الله تعالى فإن من كان عالماً بك مطلعاً عليك مهيمناً عليك