كما

فعل البحتري في وصف البركة التي بناها المتوكل على الله إذ قال:

كأنها حين لجت في تدفقها ... يد الخليفة لما سال واديها

والمعهود أن تشبه يد الخليفة في تدفقها بالكرم بالبركة إذا تدفقت بالماء.

هذا وقد جرى الشعراء على مذهب القلب كثيراً فمنهم من أصاب كما أصاب أبو عبادة البحتري ومنهم من أخطأ وتعسف.

وفي قوله تعالى أيضاً " أفمن يخلق كمن لا يخلق " تغليب إذ المراد بمن لا يخلق الأصنام وجاء بمن الذي هو للعقلاء ذوي العلم وذلك لأنهم لما عبدوها وسموها آلهة أجروها مجرى أولي العلم فجيء بمن على اعتقادهم ووفق ما هو مركوز في سلائفهم، وأيضاً للمشاكلة بينهما وبين الخالق الحقيقي وهو المعبر عنه بقوله "أفمن يخلق كمن لا يخلق"

قال العز بن عبد السلام هذه الآية مشكلة لأن قاعدة التشبيه تقتضي أن يقال أفمن لا يخلق كمن يخلق ولا يقال أنهم كانوا يعظمون الأصنام أكثر من الله لأنهم لم يقولوا ذلك وإنما قالوا: نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى بخلاف قوله تعالى: أفنجعل المسلمين كالمجرمين وقوله: أم نجعل المتقين كالفجار فإنهم لما كانوا يقولون نحن نسود في الآخرة كما سدنا في الدنيا جاء الجواب على وفق معتقدهم إنهم أعلى والمؤمنون أدنى.

وأجاب شيخ الإسلام زكريا في فتح الرحمن: " بأن الخطاب لعباد الأوثان وهم بالغوا في عبادتها حتى صارت عندهم أصلاً في العبادة والخالق فرعاً فجاء الإنكار على وفق ذلك ليفهموا المراد على معتقدهم ا. هـ من كتاب إعراب القرآن الكريم وبيانه لمحي الدين الدرويش (5/280)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015