مشترك اتفقا فيه وإن اختلفا في الحقيقة، فلله وجود، وللإنسان وجود ولله حياة وللإنسان حياة وهذا الاشتراك في أصل المعنى - الحياة - نوع من التشابه، لكن الحقيقة أن صفات الخالق ليست كصفات المخلوق فحياة الخالق ليست كحياة المخلوق.
فحياة المخلوق ناقصة مسبوقة بعدم وملحوقة بفناء، وهي أيضاً ناقصة في حد ذاتها، يوم يكون طيباً، ويوم يكون مريضاً، ويوم يكون متكدراً، ويوم يكون مسروراً وهي أيضاً حياة ناقصة في جميع الصفات، البصر ناقص، السمع ناقص، العلم ناقص، القوة ناقصة، بخلاف حياة الخالق جل وعلا، فإنها كاملة من كل وجه
الوجه الثالث: أن بعض أهل التعطيل يسمون المثبتين للصفات مشبهة فإذا قلت: من غير تشبيه فهم هؤلاء أن المراد من غير إثبات صفة، ولذلك نقول: إن التعبير بقولنا من غير تمثيل أولى من التعبير بالتشبيه.
- أما السمع: فمنه قوله تعالى: {ولا يحيطون به علماً} (?) [طه: 110] وقوله: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً} (?) [الإسراء: 36] ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها فيكون تكييفنا قفواً لما ليس لنا به علم وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به.
- وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته أو العلم بنظيره المساوي له أو بالخبر الصادق عنه وكل هذه الطرق (?) منتفية في كيفية صفات الله عز وجل فوجب بطلان تكييفها.
وأيضاً فإننا نقول: أي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟
إن أي كيفية تقدرها في ذهنك (?) فالله أعظم وأجل من ذلك.
وأي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذباً فيها لأنه لا علم لك بذلك وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان (?) أو تقريراً باللسان أو تحريراً بالبنان (?) .