ففي هذه الآية دليل على أن لله مكراً والمكر هو التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر ومنه جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري " الحرب خدعة "

فإن قيل: كيف يوصف الله بالمكر مع أن ظاهره أنه مذموم؟

قيل: إن المكر في محله محمود يدل على قوة الماكر، وأنه غالب على خصمه ولذلك لا يوصف الله به على الإطلاق فلا يجوز أن تقول " إن الله ماكر " وإنما تذكر هذه الصفة في مقام ويكون مدحاً مثل قوله تعالى: ... {ويمكرون ويمكر الله} وقوله {ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون} ومثل قوله تعالى {أفأمنوا مكر الله} ولا تنفى عنه هذه الصفة على سبيل الإطلاق بل أنها في المقام التي تكون مدحاً يوصف بها، وفي المقام التي لا تكون مدحاً لا يوصف بها.

وكذلك لا يسمى الله به فلا يقال: إن من أسماء الله الماكر والمكر من الصفات الفعلية لأنها تتعلق بمشيئة الله سبحانه.

ويقول الشيخ ابن عثيمين في شرح الواسطية (1/290) فإن قلت: ما هو تعريف المكر والكيد والمحال؟

فإن تعريفه عند أهل العلم: أنه التوصل بالأسباب الخفية إلى الإيقاع بالخصم يعنى أن توقع بخصمك بأسباب خفية ما يدرى عنها

هذا هو الكيد وهو في محله صفة كمال وفي غير محله صفة نقص لكنه في غير محله له اسم آخر وهو الخيانة ويذكر أن على بن أبي طالب رضي الله عنه لما بارز عمرو بن ود والفائدة من المبارزة أنه إذا غلب الذي منا انكسرت قلوب الآخرين قالوا: هذا صاحبنا الذي اخترناه للمبارزة وهو أشجعنا غلب.

لا شك إن قلوبهم تنكسر وتضعف شوكتهم فلما بارزه عمرو بن ود وخرج صرخ على: ما خرجت لأبارز رجلين، هنا عمرو بن ود التفت وظن أن هناك واحداً خرج معه فلما التفت ضربه على رضي الله عنه على رقبته حتى أطاح برأسه!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015